هذه قصة استوحيتها من مشهد وقع أمامي أيام جلسات الإشعاعي .. لأم وابنتها الكبيرة .. كبيرة حقاً ولعل هذا ما كان يؤلم :
اليوم موعدي لأخذ العلاج الإشعاعي .. منذ أن أصبت بسرطان القولون وأنا أتخبط تحت وطأة العلاجات ؛ عمليات ، كيماوي ، إشعاعي ، أدوية ..
يا رب ، ارحمني ، فقد أنهكت كل هذه العلاجات جسدي الواهن ..
ولكن ، أين من كل هذا ما يعانيه قلبي .. الآن.. صرت أشغل أبنائي وبناتي معي .. خمسة أيام من كل أسبوع ، لخمسة أسابيع متواصلة .. أحدهم يوصلني إلى المستشفى ، والأخرى تدخل معي وتنتظرني بالخارج إلى أن أكمل الجلسة ..
كم هو ممض الألم الذي أجد في قلبي حين أستحوذ على وقت أولادي وأفكارهم .. لا أريد أن أشغلهم .. عندهم من المشاغل والهموم ما يكفي لتأريقهم ..
أرى التأفف يتقافز بشغب من عيني ابنتي الكبرى إحسان ، وهي تطقطق بجوالها تلعب أو تكتب رسالة ، في حين أحدثها أنا عن مخاوفي من التأخير عن الموعد أو أن لا تكون “بدور” فنية الإشعاعي اللطيفة في دوامها .. أسألها عن حال ابنتها العروس التي أصيبت مؤخراً بالانفلونزا ، فتغمغم بشيء لم يتبينه سمعي الثقيل ، فإذا عاودت سؤالها أجابتني : أففف ، كويسة يا أمي ، كويسة !!
أصمت .. مسكينة .. قلبها على ابنتها يتمزق .. لهذا أجد صوتها جافاً معي .. لهذا أجدها نافذة الصبر وهي تقودني على مقعدي المتحرك إلى غرفة العلاج .. لهذا أجدها تنهرني أحياناً إذا ما أكثرت عليها طلب الجلوس لترتاح ، لهذا أجدها متلهفة للرجوع إلى البيت فلا يكاد السائق ينزلني في بيتي حتى تحثه بسرعة على الانطلاق إلى بيتها .
مسكينة .. أنا أقدر ظرفها ، فمواعيد جلساتي في الثالثة عصراً .. وقت رجوع الأولاد من المدارس ، ووقت الغداء ، ووقت الراحة والقيلولة ..جزاها الله خيراً !! تتعب كثيراً إحسان من أجلي !! يالله ، اجزها خيراً على إحسانها لي !!
لكن لا أدري ما سر هذه الخيالات التي أضحت تراودني .
كلما أسمع نبرة غريبة في صوت إحسان لا أفهمها ( يبدو أنها نبرة الحزن على ابنتها العروس ) تتداعى إلى ذهني صور باهتة .. قديمة .. بالأبيض والأسود هي ، وبعضها مقطعة الأطراف .. تفوح منها رائحة القدم ، ولكنها بحق رائحة زكية ، عذبة .. فيها حب وعواطف ومشاعر جياشة .. رائحة تغمر قلبي بالسكينة والجمال ..
إحسان وهي صغيرة .. تحبو كالحمل الصغير ، حلوة المحيا ، بسن واحدة ، تغري من يراها أن يلثمها .. تقترب مني ثم تقع على وجهها عند قدمي فتبكي ، فيكاد قلبي لها أن يطير .. أحملها وأشمها وأعتنقها وأقبلها ..
إحسان وهي مراهقة .. أنظر إليها وقد رهقتها تغيرات الهرمونات .. عصبية ، سريعة الثورة ، وسريعة الرضا والصفح .. كثيرة شرود الذهن ، حالمة .. ووحيدة .. يتألم قلبي لها ، ولكني سرعان ما أعود وأقنع نفسي أنها تغيرات مؤقتة كسحابة صيف لن تلبث وتنقشع .
إحسان وهي عروس .. جميلة في ثوبها الأبيض الذي بعت بعضاً من ذهبي لأبتاعه لها .. لترضى .. قلبي يبكي وشفتاي تضحكان وأنا أزفها لزوجها تحت أنوار كاميرات التصوير وأنظار الفضوليات من المدعوات . أخشى عليها العين ، ولؤم الحماة ، وقسوة الزوج ، ووطأة الحياة ، وفراقها عني .
وهاهي الآن ، بعد أن صارت أماً لعروس ، عانت من نفس ما عانيت .. هي الآن ابنتي الكبرى ، ترافقني لجلسات الإشعاعي ، خمسة أيام من كل أسبوع لخمسة أسابيع متصلة .. تركت زوجها وأولادها والغداء والراحة بعد يوم عمل مرهق في إدارة مدرسة ثانوية ، تركته لتصحبني إلى المستشفى ..
يبدو أن ذهنها مشغول بابنتها .. فقد غضبت الأسبوع الماضي لما ألححت عليها أن تعطي ورقة الموعد ” للسستر ” في مكتب الاستقبال خشية ضياع الموعد ، ونهرتني البارحة لما ألححت عليها أن تجلس لتريح قدميها المصابتين بالدوالي ، وكل يوم تمر علي لا تكاد تضحك في وجهي إلا لماماً !
رب أرح قلبها كما تريحني ! واشف ابنتها لتستعيد إحسان ضحكتها الصافية !
أعجبتني البداية..
وأعجبني أسلوب الكتابة الذي يتسم بالعفوية..
أجمل مافي الكتابة أنها تجعلنا على موعد مع الأشياء التي لانتعمق في فهمها..أو التي نخاف أن نواجهها..أو وقفة مع مساحه في داخلنا بقيت عالقه بين كراكيب الذاكرة.
متابعكي 😉
اسلوبك رائع في الكتابه و طرح المعاني ،، كلام من القلب للقلب ،، الله يعافيكي و يخليكي لاولادك يارب،،
مررررررررة مؤثرة القصة سبحان الله قد ما يسمع الواحد قصص عن الامهات والابناء برضها تكون مؤثرة بنفس القوة في كل مرة.. واسلوب الام في اعطاء الاعذار لبنتها مرة رهيب. الله يقدرنا نكون مع امهاتنا ولو شي بسيط مما كانو عليه معانا طول حياتنا. المدونة شكلها حلو ماشالله بالتوفيق 🙂
ليال.. شكرا يا قمر ، وأنا قرأت لك أشياء حلوة .. نبغى نشوف إبداعاتك كمان ، ولا تحرمينا من طلتك .
ملاك : يللا شدي حيلك ، واضح ما شاء الله أن أسلوبك جميل جدا ، أخرجي لنا كنوز مواهبك في مدونة تمارسين فيها معنا متعة بث القلم المشاعر والاختلاجات ، ونمارس معك متعة القراءة والإبحار إلى عقول الغير .
رومي : هذه قصة استوحيتها أيام علاجي الإشعاعي .. كنت أرى هذه الأم الكبيرة ، كبيرة بحق حتى أن صوتها يرتجف ، وابنتها ليست صغيرة أبداً .. أتوقع أنها في مثل سني تقريباً ، وكنت أتكدر فعلاً حينما أسمع نبرتها الجافة مع امها ، وسبحان الله لا ترى الأم في ذلك شيئاً ألبتة . كأن الله تعالى عماها عن رؤية جفاء ابنتها معها .. وكنت أتفكر ، هل الأم اعتادت على هذه النبرة ، أو أنها بلغت من الكبر حداً لا تلحظ فيه قلة الأدب !! ثم أعود فأقول : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاها به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً !!
والله حمستيني ياخاله هناء على الكتابة يمكن أفتح انا كمان مدونة جديدة..
عندي مدونة لكنها زي المذكرات ومن زمان ما كتبت فيها بس فكرة الكتابة حلوة لاني أحب أكتب بس لا تقولي تقليد ههههههههههههه
يا بنتي ، الكتابة من أجمل الأشياء التي يسلي فيها المرء نفسه ويرضي غروره ويفش خلقه .. أهم شيء أن لا تتجاوز كلماته الشرع والأدب . بانتظارك ملوكة .
ماشاءالله كالعادة أسلوب سهل وسلس وموضوع رائع…ننتظر المزيد
عجبني مرره اسلوبك العفوي فأنأ أحب أن أقرأ بهذه الطريقة التي تحمل قدرا كبير من الشفافيه
وأسأل الله أن يشفيك من مرضك ويشفي رفيقتي ايضا من نفس المرض والله ان احب عبده ابتلآه
دمتي بخير ..
قصة استوحيتيها … !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
حسبي الله ونعم الوكيل في هذه المقالب …
يا شيخة خوفتيني … قلت في نفسي مين (احسان) دي … وفتحت أصابيعي العشرة وقعدت أعد … همممم… فاطمة، لطيفة، شمس، سهل …الخ…
لكن بالفعل قصة مؤثرة واسلوب مؤثر …
وما أقول غير الله يجزي الوالدين خير ويرحم ضعفهم …
القصة القادمة نريدها أكثر تفاؤلاً وإشراقاً … استمري بارك الله فيك،،،
.. أم ..
كلمةٌ لا يختلف في نطقها كثيراً من لغات العالم عربها وعجمها فالأم بحرٌ من الحب ونهرٌ من العاطفة وشلالٌ من الحنان لا مجال في لحظة من اللحظات إلى أن يقل فضلاً أن يجف أو يتقطع .. فكم تتابعك وكم هي النظرات الحانية ترمقك عن قربٍ وبعد تتوّج حبها بدعاء الله لك بأن يحفظكِ ويرعاكِ ..
وما أن تبذل جهدها في كف صراخ الصغار وأصوات معاركهم عنكِ لتسعدي بالرّاحة في عالم حبها لك ودلالها .. بل تقوم بالأعمال المنزلية نيابةً عنكِ لتبذلي من وقتكِ في المراجعة والاستذكار وربما منحتكِ وقت راحتها أيام الامتحانات ..
ذكرياتٌ حانية .. يطول المقام بذكرها لتبقى في القلب نبضة حق علينا ذكرها إنّها أيام مرضكِ التي أورثت ألماً أرّق مضجعها وأقلق راحتها تجلس بجانبك تدعو الله لكِ بالشفاء العاجل ..
( الأم ) كلمة طالما رددتها الألسنة وهفت إليها القلوب ما حال من فقدتها – لا سمح الله – بطلاقٍ أو وفاةٍ حينها تعيش بلا أم حياةً مليئةً بالمصاعب والهموم والأحزان .. كيف لا .. وقد ماتت زهرة المنزل ولم يبق من ذكراها سوى عبق ريحانها وذبلت معاني المحبة ولم يبق من ابتساماتها سوى الدموع وعجيبة هذه الحياة ..اجتماعٌ ووداعٌ .. ولقاءٌ وفراقٌ .. فهنيئاً لمن مد الله في عمر أمها باباً من أبواب الجنة ما يزال مفتوحاً .
عفواً .. لن نستورد برَّ أمهاتنا من عاداتٍ غربية غريبة عنا بل في ديننا القدوة الحسنة لبرّها والقيام بحقها ..
• في البخاري ومسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إنَّ الله تعالى حرّم عليكم عقوق الأمهات ))
• قال ابن عباس لا أعلم عملاً أقرب إلى الله من برِّ الوالدة )
وإليكِ نماذج مضيئة في حق الوالدة الحنون :
• كهمس العابد .. رأى عقرباً فلحقها ليقتلها فلدغته فسُئل : لمـاذا؟ قال: خفت منها على أمي .
• سعيد بن عامر : قال بات أخي يصلي وبتُ أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته .
• رأى عبد الله بن عمر رجلاً ينظف أمه من بولها وبرازها قال له الرجل : أتراني أديت حقها ؟؟ فقال : لا .
أنت تزيله وترجو موتها *** وهي تزيله وترجو حياتك
أنت تزيله كـــرهاً *** وهي تزيله فرحــــاً
ولكنك محسن والله يثيب الكثير على القليل .
أختي الكريمة ..
عتابٌ ساخن .. أخرجه الألم .. و أفاضه القلب المجروح .. وسطرته دموع الخوف من تصرفات بعض الفتيات تجاه الأمهات ولست بصدد ذكرها واستعراضها فالمقام يطول لكن تذكري في الختام .. حينما تري والدتكِ أنَّ دقيقتكِ ثوانيها وساعتكِ يومها وشهركِ سنتها وشبابكِ هرمها وحياتكِ موتها فلئن كسرت قلبها فقد جبرتْ قلبكِ، وإن قتلتِ آمالها فقد أحيت أملك ، وإن ذبلت زهورها فقد سقت زهرتكِ بدمع عينها وماء حياتها
احبك أمي
اللهم أنت ألأول والآخر والظاهر والباطن ارزق أولادنا برنا واعنهم عليه
سعيده جداَبعودتك للمدونه افتقدناك كثيرا .مدونه رائعه وممتعه زى صاحبتها الله يخليها لينا ولايحرمنا منها معليش كله فى سبيل حبك يهون.للي ما يعرفوني أول مره في حياتى أكتب بالعربي وحتضحكو علي لو شفتونى وأنا بأدور على الحروف بس المره الثانيه حتكون أسهل إن شاء الله.موضوع مؤثر جداَ ياليت نقدر نبر والدينا سنظل مقصرين فى حقهم مهما حاولنا
نادية ، منورة يا قميل .. ما شا ءالله كتابتك جيدة ، لا يكون حمودي بس الي كتب لك .
قصه جميله وواقعيييييييه للاسف الشديد
مسكينه هي ام احسان واي قلب تحملينه يااحسان ؟
اتعتقدين استاذه هناء انه لو رجع العمر سنيييييييين بعيده بأم احسان وعلمت كيف ستعاملها ابنتها
اكانت ستسميها احسان ام انها ستتروى كثيرا قبل ان تسميها بهذا الاسم ؟
ربما اسمتها كذلك متمنيه ان يكون لابنتها نصيب من اسمها ؟
كما اتمنى ان يكون لكي من اسمك كل نصيب استاذتي هناء
همسة ، كثيراً ما يسمي الآباء أبناءهم بأسماء غاية في البهاء والجمال تيمناً بمستقبل مشرق ، فإذا كريم يضحى بخيلاً ، وإذا حسن يكون قبيحاً ، وإذا إحسان تصير جحوداً ونكراناً .. نعوذ بالله من الزلل ومن سوء العمل .. شرفني مرورك .
قصه جميله بمافيها من جحود لفضل الوالدين ، اختي هنو بارك الله لك في ابنائك وجعلهم من البارين بك
ثم قالت بصوت مرتجف : أخرجت ألف ريال .. صدقة ليشفيك الله من السرطان .. ثم انفجرت ببكاء مرير ،
ليس لدي تعليق سوى دموع حاره عندما قرات هذه الجمله .
اسال الله العلي القدير ان يحفظ لك امك ويحفظك لاولادك .
اختي هناء
انت رائعه …اتمنى ان اكون صديقه دائمه لك
من شهر اصبت بمرض سرطان الثدي .. المرحله الثالثه…اخذت الجرعه الاولي من العلاج الكيميائي
ولكني جدا تعبانه – اتمنى الاستفاده من تجربتك
بالتوفيق انشاء الله
أختي سوسو
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يسبغ عليك حلل العافية والأجر والشفاء التام .
بالنسبة للتواصل فأنا في الخدمة دائما 🙂 وإليك بريدي اليكتروني
beat_cancer@hotmail.com
وعندنا المنتدى الذي أعلن عنه في أعلى مدونتي ، انضمي إلينا وستجدين العديد من الصديقات ممن أصبن بأنواع مختلفة من السرطان وكلنا نقدم لبعضنا الدعم والتشجيع والمواساة ، إضافة إلى وجود الكثير من المواضيع التي قام بترجمتها فريق الترجمة في المنتدى من المواقع الأمريكية المعتمدة .
دمت بعافية ومغفرة ت