أيامي القليلة الماضية مروج من العطاء ، خضراء ، عطرة ، اغترفتها من بحور كرم نادية وأهلها .. أعجب لهذا الرزق الذي يمن الله به على بعض عباده ، إذ يعينهم على إدخال السرور في قلوب غيرهم .. وكيف لا يكون رزقاً والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال : ” أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ” حسنه الألباني .
اليوم كان اجتماعي معهم في مزرعتهم ، ومعنا صديقات حبيبات كذلك.. تناولنا إفطاراً هو أشبه بالغداء ، في جلسة حميمة أضفت على قلبي الكثير من السعادة والحبور .. كنت أنظر بعيني ويسرح فكري بعيداً .. في أمور شتى .. فكرت في نعم الله على العبد ، وكيف أننا مقصرين في شكر النعمة .. هذه الجلسة اللطيفة في البستان الأخضر ، مع أصدقاء أعزاء ، أليست من النعيم ؟ ساعات قضيتها في قمة الاستمتاع أتقلب في ضيافة هؤلاء الأكارم ، هديل تضيفني ، ونادية تخدمني ، وأبلة فايزة ( والدتهما ) تشعرني بالأهمية والتعظيم لكل كلمة أقولها وكأني شيخة مشائخ المدينة .. كل ذلك يصدر منهن بتلقائية وبساطة ، لعلهن دون أن يشعرن بمدى السرور الذي أحدثنه في نفسي .. دائماً أقول : الغريب والمريض يحتاج دائماً إلى اهتمام الغير ، وأنا كلاهما .. تفكرت في نعمة الله عليهن يهذا الكرم وتلك الأريحية ، وتفكرت في نعمة الله علي بصداقتي لهن .
لماذا يعجز الكثير من الناس عن إظهار مشاعرهم الإيجابية مع أن ذلك لا يكلفهم شيئاً كثيراً .. لماذا يحجم الكثير من الناس عن إبداء هذه المشاعر إلا إذا رجوا من وراء ذلك مصلحة ما .. ألا تكفيهم السعادة التي يرونها في عين الطرف الآخر .. هل تحجرت قلوبهم عن ممارسة مثل هذا النوع من الفرح بإدخال السرور على قلوب الغير . كم منا من انعقد لسانه عن قول الجميل من الكلام سواء كان ثناء أو شكراً أو مجاملة صادقة ، حارماً بذلك نفسه وغيره لذة المشاعر الإيجابية إما خشية الاتهام بالعين أو الحسد ، أو لمجرد الكسل الخالص وجمود المشاعر وأنانية اللسان .
ماذا سأخسر لو شكرت رئيسة اللجنة المراقبة في اليوم الأخير من امتحانات الدورة التأهيلية للطفها وتواضعها وابتسامتها المريحة ؟ ماذا سأخسر لو رأيت إحدى صديقاتي في زيارة وقد تزينت فأحسنت فأخبرها كم تبدو جميلة . ماذا سأخسر لوحملت لصديقتي هدية صغيرة أذكرها بها كم أنا أحبها ومعتزة بصداقتها ، قد لا تتجاوز العشرة ريالات ، ولكن الشعور بأن هذا الشخص تذكرني في وقت ما هو في الحقيقة شعور رائع . للأسف ، شحيحون نحن في أشياء كثيرة ليس أعظمها المال .
فكرت في نعمة الله علي باستطعام الطعام .. لا أنسى كيف كنت في أيام الكيماوي مثل هذا الوقت تماماً في العام الماضي .. كنت أتمثل قول المتنبي : ومن يك ذا فم مر مريض يجد مراً به الماء الزلالا !! وأعجب من هذه الدقة في اختيار الألفاظ .. فعلاً .. كنت أجد المرارة في الماء العذب النمير .. مرارة كانت تحول بيني وبين تناول الطعام والشراب أحياناً .. أنظر إلى الصنوف المتنوعة مما لذ وطاب ، وتشتهيه نفسي غاية الاشتهاء ، وأملأ ناظري بهذا المنظر الجميل ، حتى إذا ما ذقت منه لقمة واحدة احتجت عليّ براعم التذوق بشدة رافضة بكل عناد تلقي المزيد .. فيرتد إلي طرفي خاسئاً وهو حسير !! وأظل متحسرة على كل هذا الطعام الذي فاتني ( خاصة لو كنت مدعوة ) ، ومتعجبة في الوقت ذاته : سبحان الله ! كأنه أمر مفروغ منه أن نجد للطعام طعماً ..أمرلا نقاش فيه ولا جدل ، فإذا غاب عنا هذا الطعم أو حُرمنا لذته شعرنا وكأنما منعنا الله حقاً من حقوقنا .. كم مرة حمدنا الله وأثنينا عليه لهذه النعمة التي أولاناها ؟نعم ، نحن نحمد الله تعالى على أن رزقنا الطعام ، لكن هل حمدناه على أن وجدنا لهذا الطعام مذاقاً سائغاً واستمتعنا بطيب طعمه ؟
فكرت في نعمة الروتين .. في هذه الجلسة تناقل الحاضرون قصص المحتجزين في سيول جدة .. وكالعادة طار ذهني بعيداً ليتخيل موقف هؤلاء المحتجزين والمتضررين .. لعل إحداهن كانت ساخطة على بيتها ذي الجدار المتشقق والدهان المتقشر ، خجلة من استقبال صويحباتها فيه ، فماذا حل بالدار ؟ لعل أحدهم كان يشتكي من الملل لأن اليوم مثل البارحة ومثلهما الغد ، فإذا هو (غارق )اليوم في (إثارة) شديدة ، محتجزاً في سيارة يهددها جرف السيول . لعل مراهقاً كان يتأفف من هذه الشمس القوية ، ويتسخط من جونا الصحراوي ، فإذا به يرى المطر الباريسي البديع وهو يعانق طرقاً وأنفاق لا تليق إلا بهجر وواحات لا مدينة كانت تنعت يوماً – زوراً – بعروس البحر الأحمر .
كم منا من يشكر نعم الله ، هذه الصغيرة التي اعتادها المرء ؟ النوم حينما تقرر أن تنام ، قضاء الحاجة بدون أدوية ، أن يدخل عليك أبناؤك سليمين معافين في الواحدة والنصف ظهراً في أيام الدراسة لأن هذا موعد رجوعهم اليومي ، أن تغلق عليك بابك لاتخاف إلا الله والقط الذي يتمشى على جدار المنزل ..
هل أدينا شكر الوالدين ببرهما ؟ هل أدينا شكر الأصدقاء المحبين بالدعاء لهم ؟ هل أدينا شكر تذكير الله لنا بالإحسان بالمزيد من الإحسان لأنفسنا وللخلق ؟
كيف شكرنا نعمة الانترنت .. بالمقاطع المحرمة ؟ كيف شكرنا نعمة الحاجبين ( واسألوا مريضات السرطان عن هذه النعمة بالذات ).. بالنمص ؟ كيف شكرنا نعمة الغنى .. بغمط الناس ؟ كيف شكرنا نعمة الجمال .. بإبدائه لمن لا يحل لهم رؤيته ؟
إنا لله .. شرنا إلى الله صاعد ، وفضله إلينا نازل ..نستغفر الله من الزلل والخطل ، ومن سوء القول والعمل .. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا .. الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما تحب ربي وترضى على كل شيء ؛ على نبضات القلب بتوحيدك وعلى أن كنت أنت لي رباً ..على نعمة الحواس السليمة ، ومظاهر الجمال من حولي والتي طالما غفلت عن وجودها في حياتي .. على حرارة أنفاس أولادي تخالط شغاف فؤادي ، على بركة وجود أمي في حياتي .. وعلى وعلى وعلى ….وعلى أن جعلت نادية وأهلها لي أهلاً !!
والله يا هنو أنا دائما أشكر الله على نعمة وجودك فى حياتى والتى غيرت كثير فى مفاهيمى وتصرفاتى ودائما أدعو لهاله سنبل التى كانت بعد الله سبحانه وتعالى السبب فى تعارفنا.الله يديم محبتنا و أخوتنا ويجعلها خالصه لوجهه الكرىم ولا يحرمنا منك ومن كلامك الجميل وأسلوبك الرائع فى وصف الأحداث بدقه متناهيه بحيث يشعر القارئ بأنه جزء منها .
(ولئن شكرتم لأزيدينكم)
ربنا ابتلى اهل جده الله يقويهم ويساعدهم في دي المحنة ويرزقلهم الي يعين ويعاون في ناس كتير فتحوا بيوتهم جزاهم الله خير حتى اني اعرف وحده اخوها كان محجوز وواحد استضافه في بيته مع انها شقة صغيرة الا انه اتفآجأ فيه غيره خمسين شخص فيها .
بس هنا تبان الناس الحقيقة
أبلة نادية أو خالة نادية .
ماما فايزة
أبلة هديل
بنات أبلة نادية و بالزات حبيبة قلبي ليال ❤
حقيقة لما أحاول أن أصف كرم و لطف و أنتكة أهل المدينة لا أجد في ذهني مثالا حاضرا إلا هم .
يوم المزرعة الجميل المنعش و كل الأيام بقربهم تكتسي بالجمال ، حتى في عزاء – السقاف – لما وقعت عيني على أبلة نادية و أبلتي الفاتنة سارة شعرت بفرح كبير ! على الرغم من أنه عزاء .
حقيقة كان اتصال أبلة نادية و بناتها لتقديم العزاء لي في جدتي اللطيفة من أكثر الاتصالات التي شعرت فيها بالمواساة !
الحقائق كثيرة قد تراكمت على مدى أحد عشر سنة ولكن تبقى الحقيقة الأهم كما أسلفتِ أمي أن أهل خالة نادية أهلنا ()
وأحوبك أمي :$
الله عليك يا هناء وعلى تفكيرك الرهيب ما شاء الله عليك,عجبني تعبيرك يسرح فكري بعيدا….لانه كل مرة نطلع البلاد ونحط الفصفص والشاى والقهوة ونآكل ونشرب وبعدين ننزل البيت ولا يشردتفكيري لأي شيءفهذه دعوة منك من غير ماتحسي للتأمل والتدبر في خلق الله سبحانه وتعالى,
وبعدين أن أصلا أعتبرك هدية من الله لأههل المدينة عامة ولأهلي خاصة
كلامك تصديق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سربِهِ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا)
بارك الله فيك ونفعنا بك …