قرأت في إحدى المدونات الأمريكية لأحد الآباء مقالاً يتحدث فيه عن توجهه الذي تبناه والذي أراه – شخصياً – شذوذاً في المجتمع الأمريكي . كان أحد الرجال الذين يعارضون بشدة ( التدييت ) ، وهذا مصطلح أسأل الله اللطيف أن لا نحتاجه قريباً في مجتمعنا ، والذي يقوم ( المصطلح لا المجتمع ) على تسخير الكلمة الانجليزية واستخراج فعلاً عربياً منها ، على وزن ( شيّك عليه ) من check إذا أراد أن يراجع شيئا و ( قوْقله ) من google it إذا بحث في النت على شيء ما ، و( كنسل ) الحجز مثلاً من cancel إذا ألغاه .
فهذا الأب كان أحد معارضي أن ( تديّت) من dating أن تواعد الفتاة رجلاً ما قبل الزواج .. وذكر أشياء عجيبة فعلاً ، منها أن ابنته أهدته مرة قميصاً رياضياً ( تي شيرت ) مكتوب عليه D.A.D.D. ، والذي يعني Dads Against Daughters Dating آباء ضد تدييت البنات ، وجدته ب 11 دولاراً فسألته عما إذا كان يرغب في أن تشتريه له ، فطلب منها اثنين .. يقول : كلما ارتديته كان أحد الآباء يقترب مني ويسألني من أين أتيت به ، فأجيب فخوراً : أهدتني إياه ابنتي الكبرى .
وذكر أن زوجته كانت تدرس البنات في المنزل حالما يبلغن السن التي يكون بإمكانهن فيها مواعدة الفتيان منعاً لذلك . وحين يكبرن قليلاً فإنهن ينتظمن في كلية ذكر اسمها لا تبعد كثيراً عن بيتهم ، حيث يقوم بتوصليهن قبل أن يذهب لعمله ، وبعد الانتهاء من محاضراتهن فإنهن ينتظرنه في المكتبة ( !!) حتى ينتهي من دوام العمل ثم يأخذهن في طريق العودة ، ليؤدين واجباتهن المدرسية، ويتناولن العشاء ثم يشاهدوا جميعاً فيلم السهرة .
كما ذكر كيف فعل بالأولاد في الحفل الراقص في مدرسة ابنته حين كانت في الصف الإعدادي الأول حيث أتيحت له فرصة مرافقتها إذ كانت مسؤولة في مجلس الطلاب بالمدرسة وطلبت منه المساعدة ففعل بسرور . جثم على منصة الاستاد الرياضي يراقب بعينين كالصقر الراقصين حتى إذا ما وجد بعض النظرات غير المريحة لأحد هؤلاء الطلاب في الصف الثالث الإعدادي فإنه كان يتقدم إليه نافشاً صدره وفي عينيه نظرة بادرة قاتلة وقد ارتسمت على جبينه تقطيبة هائلة ، كل ذلك كان كفيلاً ببث عدم الراحة في قلب ذاك الجريء ، فيفترق الراقصان حتى يقف كل منهما في الطرف الآخر من الاستاد .. نعم ، هكذا يكون هذا الأب قد أدى عمله !! ويعتبر نفسه سفيراً عن كل الآباء الذين لم تتح لهم الفرصة لحضور هذا الحفل الراقص ، وأن حضوره هو كان بمثابة رسالة لكل هؤلاء الفتية الصغار : أن لا تقتربوا من بناتنا ، وإلا ..
وأخيراً يختم بوصية للآباء فيقول : لابد أن نعتني ببعضنا .. إذا رأيت متأنقاً ( وغداً ) في المول يراوغ إحدى الفتيات فعندها ستكون مهمتك أن تتدخل .. ألن تحب أن يتولى أحد الدفاع عن بناتك لو لم تكن موجوداً ؟ توجه إليه واطلب منه أن يكف عن ذلك . اعرض عليه أن تتصل بأبيها ، لابد أنها عندئذ ستستميت في الهرب .. اطلب الشرطة إذا لزم الأمر .. اخرجوا أيها الرجال .. فلتكن لكم وقفة !!
انتهت التدوينة .. وقرأت التعليقات التي تلتها .. ولبثت ملياً بعدها أفكر .. هذا الرجل ليس مسلماً .. وليس عربياً .. والذين علقوا مشجعين وبعضهم أمهات طالبن بتي شيرت مكتوب عليه : أمهات ضد تدييت البنات ليسوا كذلك أيضاً . هذا الرجل يصلح أن يكون من أعضاء الهيئة ..
ثم قارنت بحال مزعجة آخذة في التزايد في مجتمعنا .. بين بناتنا في مرحلة المتوسطة والثانوية .. هل تتخيلون ؟ بنات في سن الثالثة عشر والرابعة عشر يواعدون فتياناً بالدس عن أهليهم ، أو بعلمهم ، فلم يعد هذا عيباً عندهم .. تفتخر الواحدة بأن لها أصدقاء وأنها تخرج معهم ، وأكاد أكذّب من يحكي لي هذه الحكايا ولكنهن يكنّ أحياناً صديقات شخصيات لهن ..
وأسترجع ذكرى ضبابية قديمة علاها بعض الغبار عن بعض صديقات الثانوية اللاتي كن يستمتعن برؤية الدهشة وعدم التصديق تعلو وجهي وهن يحكين لي عن مغامراتهن في ( الكباين ) وفي السفريات .. وأنا مصعوقة .. أين الأهل ؟ أين الأم ؟ ثم لا ألبث أن أكذبهن في نفسي وأقنع نفسي أنها لا تعدو أن تكون محاولات طفولية ساذجة لاختراق عالم الكبار بأي طريقة كانت ، ولو كانت عن طريق تشويه السمعة .
والآن ومع تواتر كل هذه القصص عن (تدييت ) بنات المدارس أصيح بعنف : أين الأهل ؟ أين تعليم البنات رقابة الله ؟ ماذا تفعلون ببناتكم ؟ تعلفوهن وتكسوهن وتتركوهن بعد ذلك غنيمة للرائحين والقادمين ؟ حينما تتركون البنات يتمشين مع لداتهن في المولات ألا يهمكم أن تعرفوا ماذا يفعلن ؟ حينما ترسلوا لهن السائقين في ساعات متأخرة من الليل ألا تسألونهن لماذا تأخرن ؟ حينما تختلي بناتكم الساعات الطويلة مع الهاتف المحمول ألا تؤلمكم قلوبكم ؟
فقط أقول : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً .
نريد من هذا الرجل أن يقدم عندنا ويعطي دورة في سياسته ، لعل بعض المستغربين يقتنع لو وجد أشقر ذا عيون زرقاء يعلمه كيف يحافظ على شرف بناته..
يا اللـــــــــــــــــــه معقول يا عمة في ناس هناك كده ؟!!
مرة حلوة الفكرة والقصة وكل شي ..
والغريب والحلو كمان إنو بنته بتسمع كلامو !
أما الحال عندنا هنا .. شي يكسف ويأزم ويزعل ويقهر ..
الله يهدي شبابنا وبناتنا ويهدي أهاليهم ويبصرهم بالتربية الصح ..
تسلم الأيادي يا عمة 🙂
العنوان .. جييييييييد 🙂
والله يا بنتي بسبب غرابة الموضوع كتبت عنه .. عجبتني فكرته جداً ومباشرة عقدت المقارنة بيننا وبينهم .. الله يدي بنات المسلمين.
هنوتي ياقلبي وصلت كلماتك وبقوه بس لي عندك رجاء لاتجعلي مدونتك حكرا لكلماتك
انا اعرف مدونتك غيري يجهلها اتمنى من قلبي انك توصلي صوتك لابعد مدى وماتحرمي
اخواتك في منتدانا من قلمك
رجاء ولك حرية القبول او الرفض ان تضعي هذه الفقره من مدونتك في المجلس العام لكي تصل
للجميع
أبشري .. وتم ..
السلام عليكم …
والله المجتمع الامريكي بغض النظر عن مافيه من تجاوزات وانحرافات وبلاوي منيلة لكنه لايزال يحمل في كينونته الاحترام للمبادئ الاخلاقية والتقدير للشهامة والعفة والاستقامة…
والشيء بالشيء يذكر… وترى نحن هنا لسنا بصدد مدح الامريكان والتغني بفضائلهم لكن … الحكمة ضالة المؤمن …
المهم … أكيد سمعتي عن خواتم العفة أو الطهارة التي طلعت موضة …
وهي موضة نشأت في الولايات المتحدة في 1990 ولها أصول دينية والغرض منها أن البنت أو الولد يرتدي خاتم معين بهدف التعهد بعدم ممارسة الـ **** حتى الزواج…
وظهرت هذه الحركة أو الموضة تحت إدارة بوش، وهناك منظمات تشجع الامتناع عن ممارسة الرذيلة وتشجيع المراهقين على توقيع تعهدات البكارة أو ارتداء خواتم العفة وتعطيهم المنح الاتحادية.
يا عيني على الرشاوي…!!!
في بعضهم يسووا حفلة اسمها (تعهد الطهارة) والبنت تلبس فستان أبيض وأبوها يزفها ويلبسها الخاتم وتتعهد البنت في هذه الحفلة بنذر معين من أشهرها (الحب الحقيقي ينتظر) …الخ
يا الامريكان عليهم حركات … خطيـــــــــــــــــــــــــرة …!!!
ليس كل المجتمع الأمريكي كما يظن البعض منحرف، بعضهم متدينون جدا ولهذا السبب تم إنتخاب جورج بوش الابن مرتين كونه متدينا ويدعو إلى التدين والالتزام بالتعاليم المسيحية!
الذي يدعوني إلى الخوف منه ليس التدييت فهو موجود منذ الأزل، ولكن المجاهرة بذلك.
مقالة جميلة وممتعة.