قرأت القصة التالية في أحد كتب سلسلة شوربة الدجاج التي أحبها وهو بعنوان Chicken Soup for The Breast Cancer Survivor’s Soul . كما تعلمون ، يسيطر علي هاجس القراءة في كتب سرطان الثدي هذه الأيام ، بحثاً عن معلومة مفيدة أو خاطرة جميلة تنفعني في المقاومة والصمود ، وتفيدني في مشروع الكتب التي أعزم على تأليفها بعون الله .
تروي صاحبة القصة موقفاًً حدث معها أثناء ركوبها الحافلة في طريقها ومجموعة من مريضات السرطان إلى المركز الطبي لتلقي جلسات العلاج الإشعاعي ، وعلى مقاعد الحافلة جرى بين “كاثرين ” وبين إحدى الراكبات هذا الحوار :
الراكبة : هل الذي بيدك مسجل الووك مان ؟ ( نوع من المسجلات الصغيرة المحمولة )
كاثرين : نعم .. لقد ابتاعه لي زوجي منذ أن بدأت ركوب هذه الحافلة .
الراكبة : يبدو أنك تمتلكين رجلاً وأي رجل !
كاثرين : نعم ، أنت محقة ، وأنا أقدره جداً .
الراكبة : رباه ، يبدو أن علي أن أقتني أحد هؤلاء .
كاثرين : لا تتركي هذا التفكير مطلقاً ، قد يكون بانتظارك خلف زاوية ما .
الراكبة : عم تتحدثين ؟
كاثرين : عن احتمالية العثور على زوج .
الراكبة : زوج !! لا أريد أي زوج يا عزيزتي .. لقد جربت أحدهم فعلاً .. كنت أتحدث عن اقتناء جهاز ووك مان .. الآن ، هاذا ما أسميه مفيداً .
حسناً .. أرجو أن لا أُتهم بأني أقول أن الأزواج غير مفيدين .. الراكبة من قالت هذا لست أنا ، وما أنا إلا ناقلة .
لكن هل لأحد منكم أن يخبرني لماذا انتشرت حالات الطلاق بين الأزواج الكبار في الفترة الأخيرة ؟ بعد عشرة سنوات طويلة مليئة بالدموع والنجاحات والذكريات الجميلة والتعيسة على حد سواء ..
ماالذي يحصل يا جماعة ؟
لن أتطرق إلى الأسباب فلست عالمة اجتماع ، ولكني أتحدث عن سبب واحد فقط وهو : قلة الوفاء بين الطرفين ..
كلما قرأت عن حب رسول الله صلى عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها يسيطر عليّ جو فاتن خلاب من الرومانسية التي يفتقدها الكثير من الزوجات .
اقرؤوا معي هذا الحب الرقيق الذي كان يكتنف قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
تقول عائشة رضي الله عنها – وهي التي كانت أحب الناس إلى قلب رسول الله – : ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة وما رأيتها ، ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها ، وربما ذبح الشاة ، ثم يقطعها أعضاء ، ثم يبعثها في صدائق خديجة ، فربما قلت له : كأن لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة ، فيقول : ” إنها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد ” .
وحكت لنا عائشة رضي الله عنها أن هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنهما استأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فارتاع لذلك ، أي أنه عرف تذكر استئذان خديجة لتشابه صوتيهما ، فقال : “اللهم هالة ” ، فغرت ، فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيراً منها “، تقصد نفسها .. وإنما وصفت خديجة بأنها حمراء الشدقين للدلالة على كبر سن خديجة رضي الله عنهما حتى تساقطت أسنانها وخلفت فماً لا يبدو منه إلا حمرة اللثة .
وقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة يقول :” أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة ” فأغضبته يوماً فقلت : خديجة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إني قد رزقت حبها “!!
أواه من هذا الحب الساحر ..
“إني قد رزقت حبها ” .
منذ أيام قرأت بيت شعر لامرئ القيس في معلقته يقول :
أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعلِ
فأطربني أشد الطرب ، وهززت رأسي بانتشاء ، وقلت : الله ، ما هذه الرومانسية ؟
لكن لما قرأت قول النبي صلى لله عليه وسلم يقول ” إني قد رزقت حبها ” ، شعرت بأن هذه العلاقة هي ( الرومانسية الصح ) .
لمسة الوفاء هذه تأسرني !
لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم لصويحبات خديجة ، ولما قال عنها ما قال ، هل كانت هي في الحجرة المجاورة تستمع وتزهو على ضرائرها بقوله ، أم كانت ميتة في قبرها ؟
لم غارت عائشة وهي البكر الصغيرة المدللة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أحب الناس إليه ، قال : ” عائشة ” .. لم غارت من حمراء الشدقين ؟
هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب في خديجة شبابها ومالها وجاهها ، أم جذبه إليها حنوها وحدبها ومساندتها له ؟
هذه امرأة قدمت الكثير لهذا الشاب اليافع .. كانت له أماً قبل أن تكون زوجة ..
شملته برعايتها وحبها ودعمها .
أتراه نسي صنيعها لما كذبه الناس وصدقته ، وكفروا به وآمنت ، وحرموه فواسته بمالها ؟
لم ينس فضلها ، لذا كافأها على كل جميلها بأن رعى ودادها ، فلم يكدر خاطرها بضرة، وكان يكثر من ذكرها بالخير حتى غارت منها حبيبته ، وكان يكرم أختها وصويحباتها ( حمراوات الأشداق ) مع أنها بذاتها لم تعد على وجه الأرض ،فأي حب ، وأي وفاء وأي رومانسية ؟
شيء يدمي الفؤاد في الحقيقة إذا ما قلبت ناظرك في حال كثير من الأزواج ووجدتهم بعد كل هذه السنين يكتشف أنه كان ( مطموراً في الحياة ) مع زوجه وأولاده المزعجين “فيتصرف” !
أو أن زوجه قد هرمت ولم يعد بها قوة لتخدمه كما كانت تفعل : “فيتصرف” !
أو أنه استغنى واشتد عوده ولم تعد زوجه تليق به ، ” فيتصرف ” !
أين الوفاء ؟
لكني – ويالفرحتي – وجدت صورة منه في هذا الزمن ..
قريب لي أمضى مع شريكة حياته ما يزيد عن النصف قرن ، كانت له نعم المعين في دراسته ، وعمله .
صبرت على الغربة أحياناً ، وعلى الوحدة أحياناً أخرى ، فلما كبر سنها وكثرت أسقامها ، كان دائماً إلى جوارها ، يمسك بيدها ، ويهمس في أذنها بكلمات لاتسمعها لكن تستطيع أن تخمنها في احمرار وجهها .. وإذا علمت أن هذا الرجل كان وسيماً وكما يقال ( جِنتل ) ، في حين أن زوجته جرت عليها سنن الله في العجز والهرم فإنه يزداد عجبك ..
حتى كان اليوم الذي دخلت فيه زوجته في غيبوبة استمرت قرابة السنة ..
كان يزورها يومياً في المستشفى ، يكلمها بصوت مرتفع لتسمعه ، ويمسح خدها برقة ، ويلاطفها بالكلام ، ويقرأ لها سورة الكهف في كل جمعة لأنه كان متيقناً أنها تسمعه ، وتقرأ معه ..
رفض محاولات تزويجه ، فهو ليست له إلا حبيبة واحدة .. ولا يريد أن يكدر خاطرها ، حتى لو كانت في غيبوبة لا تدرك شيئاً مما حولها .
كنت أراه يقف إلى جوارها على قدميه الساعات الطوال يقرأ عليها ، ويرقيها ، ويحادثها ، فإذ لم ترد عليه كنت تشعر بحيرته ، ولهفته عليها وقلقه حتى توفاها الله ..
كنت أنظر إلى قصة الحب هذه ، وأقول في نفسي : هذه الرومانسية الصح !!
:(( الله يسامحك يا عمتشي قلبتي المواجع.. الله يرزقنا الحب الصادق الوفي في الدنيا والآخرة.. الله يحفظ لكل امرأة محظوظة الرجل اللي وفي معاها .. ويعوض كل محروم . وسلمت يداكي على الموضوع
قلة الوفاء… هذه كلمة راقية من انسانة راقية كشخصك الراقي…
كلمة مؤدبة من انسانة أديبة وعلى خلق…
كلمة محترمة من شخصية محترمة …
لكن كما تعلمين أنا انسانة دغرية واسمي الاسماء بمسمياتها …
لذا فـ لأقل -وبعد اذن منك- استاذتي الفاضلة …
انها فراغة عين، وافتقار للحياء، ومن صور الغدر والاستقواء على الضعفاء … وهذه اعتبرها نهاية الجبن وانعدام الانسانية والرحمة…
انه زمان قال عنه أهل الحكم: راحو رجال الهيبة وجو رجال الخيبة…وراحوا رجال المحشي والكباب وجو رجال معندكشي يا مرة …
كعادتك دائماً تسلطين الضوء على الجوانب المشرقة قي الحياء لكن كما تعلمين لولا الظلام ماكان للنور قيمة… ولذا فأجدني مضطرة لأحكي قصة الزوجة التي طلقها زوجها بعد 40سنة وطردها في ليلة ما بدون عبائتها وهي المريضة بمرض في الرحم يسبب لها النزيف فطرقت باب الجيران وحين رد الرجل اقسمت عليه أن لاينزل حياء منه فحضرت الزوجة الجارة وغطتها بجلالها -شرشف الصلاة- واتصلت على اخوها ليحضر لأخذها…
وقصص غيرها كثير… اسودت القلوب وصارت الناس تتعامل بالمصالح والفوائد…
لكن رغماً عن أنوفهم ستحلق القلوب الصافية والاوراح البريئة والانفس الطاهرة في سماء الطموح والانجاز والعمل والسعادة والغد المشرق…
الله ..كم هي رائعه قصص الرسول مع زوجاته عليه افضل السلام..قمة الأخلاق..وحسن الكلام بمفردات قليلة كبيرة المعنى في فحواها..القصة الخيرة الي ذكرتيها نادرة في هذا الزمن ..زمن الملاحم والفتن الله يرزق كل واحد على قد نيته
موضوع جدا رائع …
سلمت يداك يا خالتي العزيزة .. ولكني لا زلت أصر أن “الرومانسية ” الحقيقية هي أمر نسبي ، و يختلف تعريفها من امرأة لأخرى كل حسب ظروفها و نظرتها للحياة ..
في رأيي ، فان أسمى وأ جمل أنواع الحب : حب الأم لأولادها و حب الأطفال لأمهم ..و أني لأشكر الله كل يوم على نعمة هذا الحب ..
سلام،
سبحان الله هي توفيق و رزق من عند الله تبارك و تعالى
فالبعض يقدر التفاني و الوفاء و البعض الآخر يراه واجب و أمر طبيعي أن يتفانى الشخص الأخر
من أجله !!
لذلك تقدير الطرف الآخر نعمة كبيرة و عظيمة من الله منّ بها على من يشاء
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستشعرون بنعمة فيحمدونه و يشكرونه
و يسخر لنا الرفقه الطيبة الصالحة
تقديري لكِ
تعديل .. يمن بها على من يشاء
🙂
وااااااااااااووووووووو ياعمة كلام جميل
لكني بدأت أعلم أن الصبر على مر الحياة هو الثمن الذي سندفعه لنكون من أهل الجنة
رزقنا الله صبر أيوب ( :
أستاذتي الغالية ..هناء..نفع الله بك
اختلطت حروفي هذه بالدموع و أنا أتأمل كيف تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خديجة رضي الله عنها . عندما سمع صوت أختها فعلا هذا هو الحب الصادق..كثيرا ما تستوقفني هذه القصة
و كذلك تعجبت للرجل _ الذي ذكرت _كيف يداعب خد زوجته التي ربما لا تشعر بحبه لكن قلبه يمتلئ بحبها
دائما كنت أتأمل أحوال الأسر من حولي فلا أكاد أرى من الرومانسية وصدق الحب إلا الشيء اليسير و اليسير جدا..حتى احس أنه لا يوجد أمل للعيش بحب و مودة صادقة لا تعكرها احداث الأيام
و لكن عندما أتأمل قصص الرسول صلى الله عليه وسلم و سلم في بيته يتجدد في الأمل و أشعر أن العيش بحب و هناء أمر ممكن نسأل الله تعالى من فضله
أظن أن هذا الحب يكون هبة و نعمة كما قال صلى الله عليه و سلم : إني رزقت حبها ..
و لكني أحس بيقين كبير أنه لابد من التضحية وبذل الأسباب و سؤال الله تعالى للوصول إليه
أتمنى أن يعم صادق الحب بيتك و بيتي و بيوت المسلمين
و لا فض فوك
رائئئئئئئععععععععععه-ياأخت هناء-قراءة اغلب مدوناتك-وكان رائعه جدا-لا اقول الا سلمت انا ملك-ابداع ابداع ابداع-الى الامااااااااام-
صديقتك في المنتدى-حصه(ام الدانا)
الوفاء ليست رومانسية .. او سبيل للحب .. بل هو واجب للحياة ..
وليس بين الزوجين فحسب .. حتى بين الأصدقاء ..
الرومانسية التي ذكرتي استاذة ..
في قصة الحبيب المصطفى .. وقصة زوجة قريبكم فرج الله عنها وتقبلها برحمته ..
هي الوفاق هي الوئام هي…. سجود روح المحب عند قدم روح المحبوبة .. هي غضوع الروح ..
الوفاء مجرد وسيلة للحياة .. تساعد على التفاهم والتناغم ..
أسأل الله أن يرزقنا وفاء الحبيب المصطفى ..
وأن يلهمنا مثل حبه عليه الصلاة والسلام ..