الثالثة ثابتة !
25 مايو 2011 بواسطة هناء
للمرة الثالثة على التوالي الخطوط السعودية التي تتشرف بخدمتنا تصكني بمقلب سخيف مستظرفة على عملائها .
اليوم رحلتي إلى المدينة بعد أسبوع قضيته في جدة بسبب موعدي مع طبيب الأورام .
استخرجت بطاقة صعود الطائرة من الرابعة والنصف عصراً ، وفي الثامنة كنت أجلس مع سهل وشمس في صالة الانتظار بانتظار إقلاع رحلتي في التاسعة .
أخرجت مذكرة التفسير وبدأت أذاكر قليلاً ، في حين كانت شمسي تتجول حولنا بفضول القطط الصغيرة ، تتأمل عن كثب بعض الأشخاص الجالسين بالقرب .. تقف أمام مقهى كوستا كافيه وتتطلع بنهم إلى chocolate chip cookies ، تقترب من سيدة وطفلها الصغير لتنظر ماذا يفعلان ، وسهل إلى جواري يقرأ في كتاب ما .
مرت الدقائق والنداءات تتوالى رحلة رقم ( …) والمتجهة إلى الرياض ، وأخرى إلى تبوك ، وجازان ، وسنغافورة ،والنداء الثاني ، والنداء الأخير ، ولم أسمع النداء إلى رحلة المدينة .
قمت لأخذ شمس إلى دورة المياه ومررت بشاشة عرض الرحلات فوجدت النداء الثاني على رحلة المدينة مكتوباً وتعجبت : لم يناد النداء الأول بعد ، ما هذا التخريف ؟
عدت إلى مقعدي وأكملت انتظاري ولا زالت النداءات الأولى والثانية والأخيرة لكل الرحلات .. كل الرحلات ما عدا المدينة ، وبدأت أتميز غيظاً : لم يكلفوا على أنفسهم عناء الاعتذار عن تأخير الرحلة كل ذلك هرباً من توزيع العصير والكعك ،وفي ذهني لا زالت صور التأخير الأخير والذي ذكرته في تدوينة ” تأملات في المطار “.
قام سهل ليسألهم فأجابه أحدهم : تأجلت ..
وأرسلت شمسي لتسأل آخر فأجابها : شوفي بوابة 4 !
من حظي أن شمس نامت في الظهيرة ساعتين ، فهي الآن ( مصحصحة ) جداً ، وانبرت ( تزن ) علي : يللا ، متى نروح الطيارة ، متى حنسافر ، ليش جالسين ؟
بدات أتململ وأتوجس فأرسلت سهلا ليسأل عن الرحلة ، فجاءني ( مستصيباً ) أن : طارت الطيارة !!
ماذا ؟ لا بد أنك تمزح .. طارت ونحن هنا بانتظارها من الثامنة ؟
قال الرجل أن 220 راكباً سمع النداء وركب الطيارة فكيف لم نسمعها ؟
هيا هيا ..
لم يسمع سهل النداء … وأنا ؟؟!!
كلانا أصم ؟ سمعنا كل الندءات لكل الرحلات ولم نسمع من يذكر اسم المدينة بكلمة ؟ أم أنهم نادوا على الرحلة بجانب البوابة ،ومن كان بعيداً مثلنا فحظاً أوفر يا سادة !
أكاد لا أصدق حقيقة ..
ثلاث تدوينات متقاربة أتغنى فيها بمآثر الخطوط السعودية. ماهذه الدعاية ؟
بدأ دمي يفور كعادتي الجديدة جداً ..
لا أحب الاستهبال .. كن معي وقحاً فأستعين بالله عليك ، ولكن لا تستهبل ..
الموقف السابق حينما احتلت مقاعدنا بالاستهبال ، والآن يقولون لنا : فينكم ؟ نادينا والناس سمعوا والطيارة طارت ..
استهبال ، ويقين أني لن أجد مقاعد أخرى لامؤكدة ولا انتظار ، والاختبار ينتظرني ضاحكاً باستهزاء يوم السبت ..
الغليان بدأ يتجه للقمة شيئاً فشيئاً ..
ولكن فجأة ..
الله تعالى ألهمني : أليست مقولتك المأثورة : أقدار الله خير ؟لم تغضبين ؟
وسبحان الله كأن ما كان في نفسي نار أطفأها صيب من الله ، فاسترجعت واستغفرت ، وشهدت تناقص ميزان الحرارة القلبي العجيب ، وقلت : لعله خير .. يمكن الطيارة كانت حتطيح !!
أستغفر الله .. قتلت 220 راكباً لأجد لنفسي عزاء لفوات الرحلة علي ..
وياله من موقف ساخر : تفوتني الطائرة وأنا أشرب القهوة في صالة الانتظار !
ذهب سهل ليبحث عن حجز آخر ، وذهبت مع شمسي إلى المصلى لأصلي العشاء ولعلي أحظى بتمديدة مريحة وغفوة لذيذة .
كان المصلى فارغاً ،. خلعت نقابي وقفازي ، وطرحتي ، وانطرحت على الأرض ومددت رجلاي وبدأت أهرش رأسي كمن أصابه جرب ..
في جو جدة الرطب وفي المباني التي يتخيل مديروها أننا نسكن في أوروبا فلا يشغلون المكيفات بطاقتها القصوى ، ومع التغيرات الجديدة التي بدأت أشهدها مع العلاج الهرموني يضحى غطاء الرأس إذا طال زمنه متعباً بحق .( أرجو أن لا أسمع من يقول : بسيطة ، اخلعي حجاب الرأس )
في البداية فرحت شمس بالمصلى الواسع الفارغ ، ففرشت بعض السجادات ، وفردت بعض الكراسي المطوية ، ثم أنها بدأت تشعر بالملل فصارت تخرج بين الحين والآخر لتتفرج على الناس الذين يمشون في الخارج .. وأنا أخاف أن يسرقها أحد فأقوم لأبحث عنها وأستعيدها .
بدأ التعب ينال مني ، فأنا مستيقظة منذ الثامنة للذهاب إلى موعدي مع طبيبي ، وشمس أرهقتني بأسئلتها وتململها ، وعندي دوار منذ ثلاثة أسابيع لحظت أنه يزيد كلما تعبت وأُرهقت .
صليت العشاء ثم تمددت وتوسدت حقيبة كمبيوتري ، وبدأ جفناي يرتخيان ، وأنا أحمد الله أني لست من دعاة المساواة ، وإلا لوجدتني الآن ( متشحططة ) بين الرجال أبحث لنفسي وعائلتي على مقعد ، إذ لا بد أن تدفع المطالِبة بالمساوة الثمن كاملاً ، لا أن تكون مجحفة وانتقائية ..
عن نفسي : يكفيني ما تفعله بي شمس الآن !
ماهذا المنظر ؟ من بين رموشي المتشابكة ( بسبب النوم لا لأنهما كثيفان مثلاً ) رأيت هذا المنظر.. منظري وأنا متمددة يشبه تماماً الناس الممددين الذين كنت أراهم في الحرم وفي مصليات المطارات والذين كنت أنظر إليهم وفي أقصى ذهني يهتف صوت ضعيف خافت باستنكار ( إيش هذا المنظر غير الحضاري ) !!
يا الله على ابن آدم .. كم من المرات يسخر من أحد أو ينتقده أو يحتقره ، ثم هو يقع في ذات الشيء الذي سخر منه.
ولا نتعلم !
أذكر أننا نزلنا إلى جدة بالسيارة قبل 6 أسابيع تقريبا ، وفي الطريق مررنا بإحدى السواهر .كان سهل يحفظ مكانها فهدّأ السرعة وأعطى إشارة لمن حولة منبهاً لوجود هذا الساهر ،وضحكت في سري : هذا من باب ” وتعاونوا على البر و التقوى ” مثلا ؟
لكن سيارة مسرعة لم ينتبه سائقها إلى إشارة سهل تخطانا وهو يجري بسرعة 150كم /ساعة ، وهنا لمع الفلاش العتيد .. فضحكت ساخرة ومتشفية . وما هي إلا يومين وتصلني رسالة بأن سيارة سهل قد ( كفشها ) ساهر !
لا أحد يتتريق على أحد !
ألم تلحظ كم من المرات سخرتَ من غثاثة عيال أحدهم ، ثم يبتليك الله بطفل غثيث !
فإن لم يكن لديك أطفال ، فصدقني ستجده في أحفادك .
ألم تنتبه كم من المرات ( حشّيت ) في طبع رديء لشخص ما ، فلما كبرت وجدت نفسك متحلياً بهذا الطبع ( كما الشطار ) !
تعلّم ألا تسخر من أحد ،ولا تستهزئ حتى بقلبك ، فالله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . وسيعاملك بالمثل ، لا عقاباً ، ولكن تأديباً ، ولئلا ترى لنفسك فضلاً على غيرك من الخلق ، خاصة فيما لا يكون فيه مجال للتفاضل .
قامت شمس وأغلقت أنوار المصلى لأنام على حد زعمها ولكن أنى لي بالنوم وعين نائمة والأخرى ترقب شمساً لئلا تخرج ويسرقها أحد !
مر الوقت ليتصل علي سهل بأنه لم يجد مقاعد فارغة في رحلة الواحد والنصف فجراً .
وهكذا رجعنا إلى بيت أمي بسيارة تاكسي لابد أن دخان السجائر قد التهم نصف رئة سائقها لأنه كاد أن يلتهم ربع رئتي .
وشمسي بدأ النوم يزحف إلى عقلها وأخلاقها ( ألم تسمع بأخلاق النعسان من قبل ؟ ) ولا تزال تسأل : لماذا لم نسافر ، أين الطيارة ، متى سنذهب إلى المدينة ، أين حقيبة الملابس ؟
ويرجع حنقي ثانية على الخطوط السعودية التي كانت في يوم من الأيام درة فاخرة من درر خطوط الطيران . إهمال رهيب ، وتجاهل تام لمشاعر من يدفع الكثير لأنه لا يجد غيرها ( ألا يذكركم هذا بشركة الاتصالات ؟ ) ، واستخفاف بالمنتظرين .
أتعلمون كم دفعت في هذه الزيارة للمطار غير تذاكر السفر ؟
دفعت 320 ريالا بين زيارتين للمقهى جهنمي الأسعار ، و( غرامة ) عدم السفر والتاكسي الذي أوصلنا لبيت أمي .. وفي حلقي تلك المرارة : خطأ من هذا الي تحملته ؟
أهو خطئي لأني وثقت بهم وجلست بعيداً عن البوابة المقصودة أتناول قهوتي وأنا أحسبهم أهلاً للثقة وهم قد خدموا في هذا المجال عقوداً ؟
في التويتر أرسلت تغريدة : للمرة الثالثة على التوالي الخطوط السعودية تصكنا بمفاجآتها ..هين يالسعودية .. موعدنا في التدوينة الجديدة إن شاء الله .
لم أكن حقيقة ارغب في أن أذكر الخطوط السعودية بسوء ، فأنا تصيبني أحياناً (لوثة ) الوطنية ، لكن ما حصل اليوم كان ملوثاً طغى على لوثتي .
قبل قليل أرسلت لي أروى على الواتس أب : عن سبب بقائي مستيقظة حتى الساعة الثالثة صباحا، فقلت : أكتب التدوينة الجديدة !!
فضلاً : ريتويت !!
0.000000
0.000000
أرسلت فى خواطر ، | مصنف هراءات, الأخلاق, الخطوط السعودية, السفر, خواطر | 7 تعليقات
ياعمري ياعمة والله موقف لا تحسدي علي الصراحة .. بس سبحان الله أنا متأكدة انوا خير لأنوا أقدار الله كلها خير ،،
ومو لازم تعرفي ايش الخيرة دحين لكن يكفي ( ويسملوا تسليماً) ..
تدوينة حلوة كعادتك .. بس ياربي التدوينة القادمة تكون مليئة بالأفكار الحلوة والأخبار الشيقة المفرحة ..
مثلا رجعتي للسعودية … >>> أتوااااااع الثقة هههههههههه
بجد معاناة .. الله يعينكم ويصبرنا على غثاهم
كمان اتبهوا المره الجاية لمزاج السستم الغبي طايحين بحركة يسقطون كم مقعد عشوائي ويحولون رحلتهم للرحلة اللي بعدها بحجة ان الطيارات صارت صغيرة يعني قصوا البوردنق بدررري ويالله يالله
جمااااااال وابدااااااع ما شاء الله ..
أسلوبك ساحر ياعمتي ياحبيبتي ..
والله يعينكم يارب وترجعولنا بالسلامة .. ترى من جد وحشتونا ..
والخطوط اممم والاتصالات !! الله العالم والنصير ..
من جد التدوينة أكتر من رائعة تبارك الرحمن .. حرجع أقراها مرة تانية من جد ..
بس صراحة صراحة أحلى شي اسمي :$
ومرررررة عجبني موضوع التريقة والاستهزء على الناس حتى لو ماتكلمت !!
مجرررررربة 😦
الله يهدينا ويرزقنا نقاء وسلامة السريرة ..
وأحبببببك ()
أسلوبك رائع ماشالله في الكتابة حسيت إني معاكي فعلاً وصدقتي في ذكر عدم الإستهزاء بأحد ..أحياناً اعلق على موقف وأقول(يقهرني الي يعمل كده ) واجد احد من أولادي يعمل نفس الحركة وبنفس المنظر بالرغم إني ما قصدت الإستهزاء بس سبحان الله حتى لو كان بالقلب زي ما قلتي ..
وبالنسبة للخطوط يمكن كان يبغالك تكوني قريب من البوابة فعلاً أنا تجنباً للحوادث دي تلاقيني أول وحده عند البوابة واول وحده تدخل الطيارة ههههههه وآخر وحده تخرج
ههههههه هناء من قلبي ضحكت على الاستهبال من جد الاستهبال يغييييييييظ
أما مواقف الأطفال و التريقة و الله بعض الأحيان الواحد في نفسه يتريق و يوقع في نفس الشي، المواقف دي يبغالها جلسات ما يسعها الكومنت
شمسك الله يحفظها يبغالها بوسة و عضك، شكلها شي لزيز و لمض الله يحفظها و يقر عينك بكل أولادك
والله شيء ينرفز ويغلي الأعصاب، بس في هذي المواقف يبان إذا الواحد بيطبق اللي اتعلمه ولالا،
ضحكتني فقرة ( من عاب اُبتلي) وفي جعبتي حكايات كثيرة.
أعجبني المقال 🙂