دورة في الطهي !
20 أغسطس 2011 بواسطة هناء
تلقت آسفة خبر كونها عقيماً لن تنجب !
ينظر بأسى إلى قدمه المبتورة ويبتلع غصصاً وغصصاً محاولاً إظهار التجلد !
أقف أمام المرآة مكشوفة الجذع وأنظر إلى موضع الثدي المستأصل وأهز رأسي بمرارة !
تنتفض في مكانها وهي تقسم أنها سمعت صوت ابنها يلقي السلام .. ابنها الذي مات في حادث سيارة قبل أسبوع !
كم من الأمور المؤسفة مرت عليك أو على بعض ممن تعرف ؟
أمور من النوع الذي تستطيع أن تعبر عنه فعلاً بقولك : إنه خسارة .
هي أمور لا تستطيع أن تسترجعها إذا ما فقدتها .
هي أمور لا تعود .
بعد مرور سنة ونصف من استئصال ثديي للسرطان الذي أصابه ، لا زلت أتضايق من رؤية (شكلي).
هذا المكان المبتور يعطيني انطباعاً بالعَوَر !
سنة ونصف مرت ، تغلبت فيها بفضل الله على فكرة إصابتي بالسرطان .
واجهت ضغوطاً كثيرة من نفسي تطالب نفسي أن ترضخ لفكرة المرض ، وتسلم ، وتتقبل .
جربت أنواعاً مختلفة من التركيز ومحاولة التعايش فوفقني الله إلى ذلك .
إلا هذا الشكل ..
حتى الآن لم أستطع تقبله بأريحية .
لا زال هذا الشكل يضايقني ..
طيب والحل ؟
أحاول أن أرمي ضيقي وراء ظهري ، وهي عادة جديدة اكتسبتها بعد إصابتي بالمرض ( ولابد أن هناك كومة من القمائم تختبئ وراء ظهري ) ثم أركز قليلاً وأخاطب نفسي .
ولم سميت “دنيا” إذا ؟
ألم تسم “دنيا” لتدني منزلتها عند الله تعالى ، ولو كانت تساوي عنده جناح بعوضة ما أكرم كافراً منها بشربة ماء .
اصبري يا هناء اصبري .. فهناك أشياء حلُّها في الجنة ..
عندما علمت بخبر عقم إحدى معارفي ،كأنما طعنت في قلبي .
لا أقوله اعتراضاً ، وأستغفر الله إن فُهم ذلك مني ، ولكني تخيلت موقفها .
هذه امرأة حُرمت الذرية للأبد .
ستخرج من هذه الحياة دون أن تحظى بشعور الأمومة الممتع .
وأخرى تخطت سن الزواج ولم تحظ بمتعة السكن والمودة الزوجية ، وثالثة فقدت ابنها أو ابنتها للأبد ، ورابع بتر عضو منه ، وخامس سقط الركن الذي كان يستند إليه لسنين طويلة : زوج أو زوجة.
وقس على ذلك كثيراً .
طيب ، ما العمل ؟
أقول : العمل عمل ربنا .
علينا أن نتسم ببعض الحنكة والحصافة لنعيش .
ليست الحياة متعة واحدة إذا فاتت فاتت عليك الحياة .
إنما الحياة مزيج متناغم من المتع ، يكمل بعضها بعضاً ، فإذا فقدت بعضها فليس من الحكمة أبداً أن تنتهي حياتك في هذه النقطة .
اخرج وابحث عن متع أخرى تجبر ما فاتك.
وصدقني ، ستجد الكثير الكثير .
بعد تشخيص السرطان واستئصال ثديي كان يصيبني بعض الإحباط والكآبة أحياناً .
وكان ذلك شيء مزعج ، إذ عند تلك الأحايين أشعر بفقدان الرغبة في الحياة .
رأس صلعاء ، وثدي مبتور ، أستغفر الله ، ما هذا الشكل ؟
كان عليّ أن أعوض نفسي .. أن أجد أشياء أخرى تثير البهجة في نفسي لئلا تتحطم معنوياتي .
فتحت عيناي ، وأدهشتني الكمية الكبيرة من المتع التي بإمكاني – لو أردت – أن أصيب منها فتمتلئ حياتي ألواناً .
اكتشفت أن المشكلة ليست في البلاء ، وإنما في ولع المرء في امتلاك ما لا يملك .
نحسد الطيور على قدرتها على الطيران ، والأسماك على حياتها في الماء في حين نعاني من لهيب الصيف.
ذو العيال يغبط أخاه خالي الوفاض , وخالي الوفاض يتمنى بيتاً بصخب الطفولة مزدحم .
المبتعث يتمنى الرجوع إلى بلاده ( غالباً ) ، والقاعد يكاد يحسد المبتعث على حظه السعيد في الابتعاث، الخ …
هذه دعوة مني لإهداء نفسك السلام والطمأنينة بأن تعيش حياتك بما فيها من متع ودعك من ضيق الأفق .
وتذكر أن الطاهي الماهر هو من يفلح في أن يصنع مما عنده من المكونات طبقاً متميزاً .
0.000000
0.000000
أرسلت فى نظرات ثاقبة, خواطر ،, ذكريات بطعم السرطان | مصنف نعم الله, الأمل, الحزن, السرطان, خواطر, سرطان الثدي | 11 تعليق
الله الله !
القناعة القناعة .. ورؤية الأمور بمنظار جميل وصادق ومليء بالتفاؤل ..
تكفي لأن يعيش الإنسان حياته سعيداً ..
وكما قلتي : دنيا .. لا تساوي عند الله جناح بعوضة ..
وأيضاً ( لقد خلقنا الإنسان في كبد )
الحمد لله على نعمه .. ونستغفر الله من تقصيرنا 😦
بارك الله لكِ في رضاكِ .. وزادك رضاً وقناعة ..
أسأل الله أن يرزق كل محروم ويهدي كل ضال ..
جميلٌ ما كتبتِ .. سلِمتِ وسلمت يمناكِ 🙂
بعد ماكتبت التعليق حسيت نفسي مرة جادّة .. بزيادة
كيفك ياعمة وإيش عاملين 😛
عالعموم كان تعليقي من القلب 🙂
خخخخ ، انت حبيبيتي دايما : وانت جادة وانت مايعة ، كله منك حلو . ما باركتي لي انها من 3 صفحات 🙂
ليست الحياة متعة واحدة إذا فاتت فاتت عليك الحياة .
إنما الحياة مزيج متناغم من المتع ، يكمل بعضها بعضاً ، فإذا فقدت بعضها فليس من الحكمة أبداً أن تنتهي حياتك في هذه النقطة .
هذه الجمله هي المختصر المفيد
3>
وكذلك : ليست المشكلة في الابتلاء ، وإنما في ولع المرء بما لا يملك .
شكراً رغد على مروك وتعليقك 🙂
يااااااااااااه !
كلامك مررررآ ما شا الله سبحان الله جددن جدددن رااااائع ()
يآرب يثبتك ويزيدك من فضله ويرزقك قلم وكلمات ترفع بك الححححق والإسلام والمسلميين :”)
بجد الحممممد للله عدد الرمل والحجر
الحمد لله عدد قطر المطر
والحمد لله عدد أنفاس البشر ولمح البصر
الحمد لله على كل نعمه !
والحمممممد للله على إنه عافااككي ()
ربي يعوضك بما هو خيير يارررب ()
ملاحظة :$ ( كلام قريتو وجدن عجبني وممكن يناسب شويا هنا )
عش حياتك بكل ثقة أن الله يعلم ما لا تعلمه أنت ويخطط لك بأفضل صورة هو يراها لك ..
أغمض عينيك عن كل ما يتعسها ، وقم بتربية قلبك على تحمل فقدان بعض الأشياء التي تحبها ، لأن الله وحده يعلم لم فقدتها ..!
إضافتك رائعة . وثناؤك على الله جعل حلدي كالإورزة فعلا .
الحمد لله على كل نعمه . لو نظرنا إلى النعم بذات العين الناقدة التي تنظر إلى النقم وببعض الإنصاف لوجدنا أنا نعيش ملوكاً .
رائعة في طرحك 🙂 ولكن ما الجديد !!! فأنت كما عهدتك دوماً ذات قلم مضيء…
الله يقطع شرك .. لوهلة ، سقط قلبي .. ما الجديد ؟
لكن جملتك الأخيرة رفعتني عالياً مرة أخرى .
شكراً لولا على تشجيعك الدائم .
–
ما دمت مُلزما ( مجبرا ) فاستمتع !
هكذا كنت أقول لشاب أصيب بمرض السكر .. كان يشرب الشاي من غير سكر ،
و يتأسّف على حاله .. فكنت أقول له :
هل إذا تأسفت و حزنت أثناء شربك الشاي .. هل تنقلب المرارة حلاوة ؟!
قال : لا ، قلت : مادمت ملزماً .. فاستمتع !
أعني لن تأتي الدنيا دائماً على ما نحب .. و هذا يقع في حياتنا كثيراً ..
* الشيخ الدكتور / محمد العريفي ~
فعلا يا استاذتي الحبيبة مالدنيا الى دنية فااااااااااااااااانية فلنسعد فيها بما بقي لنا عليها ويكفيني فيها معرفة امثالك
لاحرمنا الله شذى عبييييييييييييييييرك
والله كلامك خلا وجهي قد السمسمة … حسيت نفسي مرررا صغيرة وحقيرة قدام كل نعم الله تعالى علي … صحيح كلامك وصح لسانك… وقد اطلعت على مادة مسموعة للشيخ صالح الدقلة يقول رداً على امرأة تشكو له أنه صبرت على الأذى دون جدوى أن الصبر مع انتظار الجدوى ليس بصبر وأن الصبر الحقيقي هو الذي يعني الاستسلام الكامل لله تعالى بدون قيود ولاشروط .. عندها فإن النفس تطمئن لأقدار الله تعالى وترضى لأنها إن فرحت مرة باستجابة الله تعالى فإنها تفرح عشر مرات لعدم استجابته لأنها تعلم أن جيداً أن هذا هو اختيار الله تعالى وهو الأعلم بعباده وما ينفعهم … استمتعت بالقراءة استاذتي…