هي كالذهب !
31 أكتوبر 2011 بواسطة هناء
اليوم رابع أيام العشر ..
هي تسع ، ولكن يُطلق عليها عشر تجوزاً .
كم أحب لو أعظ بعض الشيء ، ولكن – لعلكم – تلاحظون أني لا أتقن الكتابة الجادة.
إلا أن شعوري بضرورة تقديم عبادات مختلفة في هذه الأيام يدفعني إلى المحاولة ، وأرجو أن لا تكون محاولة فاشلة ، خاصة وأني أكتب كما أتكلم ، وليس من طبيعتي غالباً الكلام بصفة جادة إلا ما كان في الدروس والمحاضرات والاستشارات ، حين يأتي الناس متهيئين للسماع الجاد .
أما مدونتي فأعتبرها مكاناً للاسترخاء وتمضية بعض الدقائق المرحة ، لذا فإن محاولة كتابة الكلام الجاد سيحتاج مني بعض التركيز .
لا بأس ، فلأركز قليلاً ، ولتكن كلماتي هذه – وأي كلمات جادة تجدونها في ما بعد في مدونتي -خطوات أولى في مشوار طويل للتصحيح وإقامة الثورات التي ننشدها ، والتي ذكرتها في التدوينة السابقة..
ثورات ضد نظام الهوى ، وطلباً لربيع القلب الرباني .
هذه الأيام التي نشهدها الآن أيام كالذهب في نفاسته ، وفرص لا يكاد يفوتها أولو النهى .
بالمعيار الدنيوي هي أعظم من فرص التخفيضات للمحلات الراقية حين ينخفض ثمن الحقيبة التي تباع عادة بخمسة آلاف ليصل إلى الألف .
ولكن للأسف فإن الناس تتهافت على شراء هذه الحقيبة تهافت الفراش على النور ، في حين أن أيام الذهب تكاد تمر دون أن يحُفل بها ، إلا ما كان من أمر الصيام تأسياً واستئناساً بالبقية .
هذه الأيام تعيد شحذ الهمم والطاقات الروحانية و التي بدأت بالتخلخل بعد انتهاء رمضان ، وعلينا –كعقلاء- أن نستغلها فيما شرعها الله من أجله .
ومن المتقرر أن العبادات وإن تفاوتت في رتبها إلا أن أداء العبادة في وقتها يرفع من رتبتها لتفضُل على غيرها .
فإذا كانت قراءة القرآن من أعظم الذكر ، فإن ترديد الأذان والدعاء بعده يكون أعظم من قراءة القرآن في تلك الأثناء لأن وقت الترديد خلف المؤذن يفوت .
فكذلك العمل الصالح في هذه الأيام من أعظم ما يشغل المرء نفسه به لينال حب الله تعالى .
كنت أقرأ كلمة كتبتها في مذكرة جوالي سمعتها من أحد الدعاة تقول : إن من إجلال الله ألا تجعل له الفضلة .
قلتها من قبل في إحدى محاضراتي فاعتقدت السامعات أني أقصد ( الأفضل ) .
ولكني شرحت لهن بالمثال : لا تقرأ القرآن فيما بقي لك من الوقت ، ولا تتصدق إن بقي مال من مصروف البيت ، ولا تصم لأن كل البيت صائم ..
لا تجعل لله الفضلة ، وإنما اجعله مقدماً ، وانتظر البركة .
وفي هذا إحسان ظن بالله .
فأنت حينما تقتطع من مصروف بيتك مبلغاً معيناً ولنقل مئتي ريال شهرياً ، تخرجه قبل أن تتجه إلى البقالة الكبرى لشراء المستلزمات الشهرية خالصاً لوجه الله تعالى تبتغي به أن تفك كرب مسلم ولو أفضى إلى التضييق عليك بعض الشيء ، فهل تتوقع بعد ذلك أن يخذلك الله بتقصير النفقة عليك وتركك للحاجة تنهشك ؟
حينما تقتطع من أول يومك مقدار ثلث ساعة فقط لتقرأ فيها جزءاً واحداً من القرآن ألا تنتظر من الله تعالى بعدها أن يبارك لك في باقي يومك ؟
إن كانت إجابتك بالنفي ، فأنت سيء الظن بالله ، وفضلاً ارجع لقراءة تدوينة : جار تطبيق الهروب.
اجعل الله تعالى ورضاه مقدماً على كل شيء .
صم في هذه الأيام لأنها أيام يحب الله تعالى فيها العمل الصالح .
تصدق لأنك تريد أن يكرمك الله كما أكرمت عباده ، ويفك كربك كما فككت عنهم كروبهم .
ضح بجزء من وقتك لأنك تريد أن يبارك الله فيما بقي .
نوّع في العبادات ، فمن رحمة الله أن شرع لنا كماً من العبادات لتناسب مختلف الشخصيات والاهتمامات والقدرات .
لا يقتصر العمل الصالح على العبادات المعهودة المعتادة .
جرب أموراً أخرى .
ما رأيك في إحياء بعض السنن التي اندثرت أو قاربت : كنفض الفراش عند النوم ، والدعاء بالمأثور عند السفر ، وكافة الأذكار غير أذكار الصباح والمساء ( عند الدخول و الخروج من المنزل ، عند لبس الجديد ، عند النظر في المرآة ، عند الجماع .. الخ ) ، وصلاة النافلة في السيارة أو الطيارة عند السفر .
ربما تفضل الدعوة إلى الله – وكلنا يستطيعها مع تفاوت الدرجات في ذلك – فالمدونات وتويتر والفيسبوك مجالات خصبة لذلك ، ولا يكن المسلمون الجدد بأفضل منك وأكثر حماساً لهذا الدين .
أكاد أسمع صوتاً في المؤخرة لا أتبين وجه متحدثه يقول : ما عندي علم يكفي .
فأقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سد هذا الطريق فقال : ” بلغوا عني ولو آية ” .
أفتعجز عن تبليغ آية أو معلومة صحيحة تعلمتها تحشرها في تدوينة أو تغريدة بين الفينة والأخرى ؟ أو لعلك لا تحب أن يخرب ( برستيج ) مدونتك أو تغريداتك ، وتصنَف من فئة الوعاظ ؟
ماذا عن القيام ببعض الأعمال التطوعية تبغي بها الأجر والمثوبة من الله ( لا الفلة مع الأصدقاء ) .
بإمكانك شراء كتيبات عن الإسلام بلغات الأوردو والتقالو واللغات الأفريقية وتوزيعها على العمال كلما وقفت عند إشارة مرور أو محطة بنزين ، كما يمكنك أن تدل على الخير فتبحث عن المحتاجين وتصلهم بالموسرين الراغبين في العطاء ، أو تشترك في أحد مكاتب توعية الجاليات لأداء أعمال إدارية أو ميدانية ، ولو كنت تتقن لغة أخرى فسيكون لك شأن عندهم .
وإذا عجزت عن كل ذلك ، فأجزم أن بإمكانك أن تبر والديك وتطيعي زوجك ، وتحسن أخلاقك ، وتلزم التكبير والاستغفار ،
وتتصدق بعشرة ريالات ، فإن النية لو صاحبت أي عمل صحيح رفعته وجعلته عبادة.
فقط تحتاج إلى أن تستعين بالله و لاتعجز .
العجز سمة المسلمين مؤخراً .
انظر إلى نفسك ، كم من الأمور التي تحتاجها حقاً وتعلم يقيناً أن جميع الأبواب مسدودة إلا باب الله تعالى ، ولكنك تعجز عن تحريك شفتيك والدعاء لمن بيده الأمر كله أن يستجيب .
انظر كم من الذنوب أحدثتها ، وتتذكرها متحسراً ومتأسفاً ، وهذا جيد وهو أول خطوات التوبة النصوح .
ولكن .. هل حركت لسانك بالاستغفار ؟ أم أن قلبك وحده يستغفر ؟
كثير من الناس يقرؤون القرآن ، بل ويصلون دون أن تتحرك شفاههم ، وإذا سألتهم قالوا : نقرأ بقلوبنا.
ولكن هل يكون الكلام كلاماً إذا لم تتحرك به الشفاه ؟
ما أسهل من تحريك الشفاه ؟
علينا أن نقوم بثورة من تلكم الثورات ، فنتجه بقلوبنا أولا إلى الله بالدعاء ( مع تحريك الشفاه ورفع بعض الصوت ) أن يعيذنا من العجز والكسل ، ثم نستعين بالله لأداء ما يطلبه منا إما وجوباً أواستحباباً ، فإذا فعلت فانتظر بداية النصر .
رجعت إلى موضوع التدوينة السابقة ؟
أنذرتكم من قبل أني لا أتقن الكتابة الجادة ، وهاأنذا انتهيت إلى موضوع سابق بدلاً من أن أنهي هذا الموضوع ، ولكنكم تعودتم على استطراداتي ، أليس كذلك ؟
0.000000
0.000000
أرسلت فى خواطر ، | مصنف الإسلام, الدين, الدعاء, الصدقة, خواطر | 7 تعليقات
“لا تجعل لله الفضلة ، وإنما اجعله مقدماً ، وانتظر البركة “.
جزاكِ الله خيرا.
لا فض فوك استاذتنا الغاليه وجعلك الله ذخرا للمسلمين
جميل ان يضع الانسان هد فا في حياته …والاجمل ان يثمر هذ الهدف طموحا يساوي طموحك ..لذا تستحقين منا كل عبارات الشكر,بعدد الوان الز هر وقطرات المطر
هنوووووووووونتي الحبيبة
أعذريني على انقطاعي عن الرد على دررك الفريده من نوعها في روعة وصولها للقلب بسرعة الصاروخ
ماشاء الله عليك , ويعلم الله اني لا أفوت قراءة اي مدونة جديده تنزل لك واقول يالله يابنت ياسهومة اش فيك
علقي بس اقول شوي وارجع اعلق واقول الي في نفسي وشوي شوي انسى قمت اخاف ان المنتدى يعديني
بخير الكلام من قل ودل خخخخخخخخخخ خلاص اوعدك تشوفين ردودي قبل ردود ميمونتي
واخيرا قدرت اقرا مدوناتك ياستاذتي انتي تجنني مرره واحلي شي فيك تكتبي من قلبك ماشا الله عليك
الله يحفظك ويخليك لاهلك ياارب
مررره انبسطت من كتاباتك روعه شكلي اخلي استراحتي من المزاكره قراة كتابتك ..بس خوفي يفوتني الاختبار …. الي الامام دوم ان شا الله
ابنتك ….شمس
تعودت على خفة دمك تبارك الله ، اما قولك انكي لا تحسنين كتابة الكلام الجاد ، فهذا ظن تبين انه في غير محله على الاطلاق بل على العكس ياليتني قرأته قبل مضي العشر لان فيه افكار ما خطرت لي على بال ان افعلها ولعلها كانت ستفتح لي افاق الى ابواب اخرى ، عموما ان عشت الى العشرالقادمه فسيكون لي باذن الله شأن اخر فجزاكي الله من رب العباد خيرا الجزاء ثم مني جزيل الحب والدعاء
جزاك الله خيرا ونفع بك