حينما اهتز الكيان !
3 ديسمبر 2011 بواسطة هناء
ريما نواوي ، فتاة عرفتها في تويتر .
مصابة بسرطان منتشر داهمها منذ عشر سنين حين كانت في الثامنة عشر .
إنسانة لم أر مثلها في تفاؤلها وحسن ظنها بالله . سافرت إلى الصين لتتلقى علاجاً جديداً .
عايشت قصتها عبر تويتر حيث كانت تكتب مشاعرها وانفعالاتها بأسلوب مرح تجعل الناس يتعجبون من جلدها ، بل وقد يتهمها البعض بالتظاهر .
طالت معاناة ريما في الأيام الماضية ، ولازالت تتألم مع أنها تتناول المورفين كمسكن حتى دخلت العناية المركزة ، وانقطعت تغريداتها المتميزة .
آخر تغريدة لها كانت منذ 13 يوماً ، وقالت : ” … رجفة .. كأنه كهربة 110 انشبكت في 220 …. أستغفر الله جسمي بينفض بقوة ….. يارب … يا رب!
في العاشرة وخمسين دقيقة من ليلة الجمعة أسلمت ريما الروح بعد أن نطقت بالشهادتين ، وبلا ألم .
ومنذ ذلك الوقت تتدافعني مشاعر غريبة .
خليط من ضيق وبكاء وغبطة وفرح وخوف.
وللحق أمور كثيرة تكالبت عليّ في الآونة الأخيرة ساعدت على تحفيز هذا الشعور بالحزن والضيق .
أتمنى لو أعدت أولادي صغاراً أجمعهم تحت جناحي ، كالدجاجة التي تلم بيضها تحتها وترقد عليها بحبور . خروج سهل من بيتي لازال يفت في عضدي . الاختبارات تقلقني بشدة ، فلا زال أمامي الكثير الكثير والوقت يتضايق . لا أعرف متى سيدخل كتابي المطبعة. أنا مريضة سرطان كذلك .. صحيح أنني متعافية بفضل الله ، ولكن خطر رجوع المرض يظل موجوداً دائماً مع كل نتوء أجده في أي مكان من جسمي ، وكل ألم أحسه في عظمي.
و الآن ، هاهي ريما تموت !
تأثرت بشدة . وأحسست كم هي مؤلمة الحياة ومملة .
أتذكر روحها المرحة ، وعينيها الضاحكتين في الحفل الذي أقيم لها يوم عودتها من الصين . أتذكر تفاؤلها وإحسان ظنها العجيب بالله . وأتذكر أني مريضة سرطان كذلك ، وتبدأ روحي في الانسحاب رويداً إلى عالم اليأس وفقدان الرغبة في الحياة ..
ولماذا تعيشين ؟ هل بقي شيء جميل في الحياة تناضلين من أجله ؟
ترى كم تألمت ريما حتى فاضت روحها .. هل ستعانين من ذلك أيضاً ؟
هل تتخيلين أن يعود السرطان في مكان آخر .. تأخذين الكيماوي مرة ثانية ، وتعانين آلامه ومتاعبه ..
هل تتخيلين احتياجك للناس مرة أخرى .. وتركك لأولادك ..
هل تتخيلين أن أمك ستتعب وقد يكون موتها في مرضك هذه المرة ..
وفي النهاية يكون الموت ، وكما يقولون : بعد معاناة طويلة مع المرض .. هذا الذي يقولونه دائماً .
ولكن لحظة لحظة ..
لماذا عليّ في مثل هذه المواقف أن أؤدي دور الخائفة من عدوى الموت ؟
هل يفترض كمريضة سرطان أن أظل أتخيل نفسي مكان ريما– تشاؤماً – فأبكي وأتضايق ؟
مرضي مختلف تماماً عن مرضها ، ثم مهلاً .. ألست من يردد دائماً : ليس المرض ما يميت ، وإنما يميت انقضاء الأجل ؟
فما بالك إذن استسلمت الآن لهذه الأفكار السلبية ؟
أفهم أن يصعب على النفس فقدان شخص كنت تتواصل معه وإن كان هذا التواصل في عالم افتراضي .
أفهم أن يكون السرطان مرضاً مخوفاً ومقلقاً .
أفهم أنك تخافين يا هناء من ألم الموت .
ولكن هل هناك بروتوكولاً معيناً يقضي بأن من أصيب بالسرطان سيموت لا محالة ؟
ما لي أرى كيانك تزعزع وبنيانك النفسي يكاد ينهار ؟
أين إحسان الظن بالله ، وأين حسن التوكل عليه ؟
أم أنه كلام يقال في المحافل والمناسبات ليقول الناس : ما أجلدها ، ما أصبرها ، ما أحكمها!
أكاد أراها .. فترة زمنية سوداء ، مكدسة بالوجوم والأفكار السلبية كأنما أُقحمت في تفكيري إقحاماً بعد معرفتي بنبأ وفاة ريما .
غيوم رمادية كثيفة حجبت عني لوهلة ضياء الشمس ودفئها في صقيع الظنون الفاسدة .
سبحان الله ، كيف يحب الإنسان الحزن مهما بلغ حداً طيباً في التفاؤل والإيجابية .
انظر إلى الأفلام والقصص الحزينة تجدها أكثرها رواجاً ، ويكاد أي حدث فيها يبكيك ، في حين أن من أصعب الأمور انتزاع الضحكة الصادقة من القلب .
لم نقتل أنفسنا قتلاً بطيئاً بكل التوقعات السيئة والإحباطات والتشاؤمات ، فلا حياة سعيدة عشنا ، ولا موتاً مريحاً جلبنا؟
لم نخفق دائماً ، مراراً وتكراراً في إحسان الظن بالله .
كل يوم أكتشف حقائق سيئة مشتركة بين البشر فأتعجب كيف بدأت ، ولم لا نعمل على تغييرها .
نشترك جميعنا في جعل سوء الظن بالله هو الأصل .. لكن لماذا ؟
أليس ذلك بكسب أيدينا ؟
قلت لأحدهم مرة : لو لم يكن دليلاً على وجود الله إلا إجابته دعائي لكان كافياً لي . فقال بلا مبالاة : أنا مؤمن بوجود الله ، ولكن ما ذكرتِ كدليل لا يكفيني أنا إذ هو لا يستجيب دعائي !
طبعاً لا يستجيب يا مسكين ، لأنك تدعوه وأنت تشك في إجابته ، في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة” .
أنت ظننت أن الله لن يستجيب غالباً ، فكان الله عند ظنك .. فخطأ من يكون ؟
كم يرينا الله من ألطافه ونعمه .. يكفي أن الأصل في حياتنا الصحة والرخاء والسعادة ، وما هذه الهموم و الغموم والأمراض إلا أمور طارئة ، فلماذا ننسى الأصل .
يا هناء .. أليس من قولك أقدار الله كلها خير ؟
أليس من قولك كيف تريده أن يكون لك ؟ ( فضلا مراجعة تلك التدوينة )
ألم تملكي في يوم نظارات شمسية ماركة أبو ألف ؟ ( فضلا مراجعة تلك التدوينة ) .
ما الذي حصل .. ولماذا الاستسلام ؟
فيجيب صوت ضعيف آخذ في الاضمحلال : لأن مريض السرطان له نفسية خاصة ليست كباقي النفسيات .مريض السرطان يرعبه موت مريض سرطان آخر مهما بلغ من القوة والصلابة والتفاؤل .
عجباً .. وهل هذا التفكير القاتم سيغير من الأقدار شيئاً ؟
ثم ألم تؤمني مرة بأن ألطاف الله تنزل على العبد المبتلى حتى لا يكاد يرى بلاءه ؟
ألا تذكرين حين كان الناس يبكون حالما يعرفون بخبر مرضك ، في حين كنت تواسينهم في نفسك وكأنهم هم المرضى وأنت الصحيحة المعافاة ؟
لماذا تغفلين عن جانب اللطف ، وهو جانب – لعمر الله عظيم –
انظري إلى ماشطة ابنة فرعون المؤمنة .. كانت تمشط سيدتها فوقع المشط من يدها فقالت : بسم الله , لتسألها السيدة بصلف وتكبر : أبي ؟ فتقول : بل ربي ورب أبيك : الله . فينمي الخبر إلى الطاغية فيأخذها ويرمي أولادها الخمسة واحداً تلو الآخر أمام ناظريها في قدر ملئت نحاساً مذاباً يغلي ..
أي ثبات ثبتت ، في حين نكاد نجن من هول الموقف .
ولكن العالم بأسماء الله تعالى وصفاته يتحقق له تجلي اسم الله اللطيف في هذه الحادثة .
ألا يجمل بنا أن نظن الله تعالى أنزل على هذه المرأة الصابرة من الألطاف والرحمات وتثبيت الجنان ما غطى عين البلاء بحلل اللطف البهية .. لعلها كانت ترى أولادها يقذفون في نهر الحياة أو في جنان وارفة فسكنت واطمأنت .
ولكن من كان خارج البلاء لا يرى إلا البلاء .
أزيحي يا نفس الستائر الكثيفة وافتحي النوافذ ليدخل إليك الضياء الدافئ واستقبلي بصدرك وقلبك روح الحياة وجمالها من رب كريم لطيف ، استمتعي بما تبقى لك من عمر – طال أم قصر – فإذا جاء وعد الله فليكن عند حسن ظنك.
اللهم اغفر لريما وارحمها وأعل درجاتها في الفردوس الأعلى ، وأنزل على قلوبنا السكينة والثبات والرضا بأقدارك .
0.000000
0.000000
أرسلت فى من هنا وهناك | مصنف الكيماوي, الأمل, الحزن, السرطان, خواطر | 22 تعليق
الله يرحمها ويرحم موتى المسلمين الله يرحم أمل حكيم اللي توفت في عز شبابها في حادث سيارة…الله يرحم طارق بخاري اللي توفي في فراشه….الله يرحم خالي هاشم وخالي عبدالرحمن…….تعددت الأسباب والموت واحد….اللهم إني أسألك حسن الخاتمة لي ولأحبابي وجميع المسلمين
صحيح . تعددت الأسباب والموت واحد
اسأل الله أن يهبنا قلوبا ذاكرة ، والسنة شاكرة ويتجاوز عنا .
شكرا أبلتي
الله يجزاكي خير وربنا يجمعنا معاها كمتحابين في الله في يوم لاظل الا ظله، الله يجزاكي خير، والله يرحمها ويجعل قبرها واسع علي مد نظرها واكثر
اللهم آمين اللهم آمين
شاكرة لك مرورك .
آمين، الله يغفر لها ويرحمها ويسكنها فسيح جناته ويصبر أهلها.
تدوينة جميلة وقفتُ عندها طويلا، نسأل الله الثبات وحسن الظن به.
اللهم آمين
شكرا نجلاء .
عمتي.. أسأل الله أن يربط على قلبك لتكوني من الصابرات الذاكرات الشاكرات، وأن يديم عليك نعمة العافية وأن يثبتك ولايفتنك حتى تلقينه وهو راض عنك..!
لاتنسي في غمرة الهم والمشاكل أنك لم تختلفي عنها كثيراً .. لقد كنتُ بجانبك أيام مرضك وآلامك وكنت ومازلت الصابرة المتصبرة المحتسبة.. المحبة للحياة الشغوفة بها لآخر رمق.. لم تغب بسمتك وضحتك وروحك الحلوة حتى في أحلك الظروف القاسية التي مررت فيها،،، !
فما بال الشيطان يثبتطك الآن وينفث سمومه ويأسه فيك،،، قطعت في شوط البلاء كثيراً كثيراً.. وكنت ولازلت ترددين ياحبذا الجنة!
فأرجوك ثم أرجوك أن تكوني كما عهدتك .. عمتي القوية الصابرة المحتسبة المرحة التي ما أتى لها الهم والغم من باب إلا وأغلقته باإيمانها بالله واليوم الآخر،،،،!
في بلائك في سهل وفراغ مكان الزوج الحنون.. تذكري بلاء سيدنا إبراهيم لعل الله يريد أن يطهر قلبك من أي شريك أو نظير في المحبة والإهتمام وكلها إرهاصات الفرج…. ” إن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً”
إن شاء الله مايكون كلامي تقيل على قلبك .. بس والله يصعب عليا تألمك وضيقتك ولا أود أن أراك إلا عمتي التي عرفت مذ صغري..
❤
سارة
أنا أولاً وأخيراً كائن بشري ، يعتريني ما يعتري البشر من المخاوف والأحزان . والحمد لله الذي تداركني برحمته وأسبغ علي من نعمه ظاهرة وباطنة .
شكراً على تشجيعك المعهود ، والله لا يحرمني من قلبك المحب .وأبشرك ، أنا اليوم بأفضل حال و الحمد لله .
حبيبتي هناء الامل والتفاؤل من اجمل الاشياء التي تعلمناها في حياتنا، وكما ان احوال الناس تختلف وطباعهم تتفاوت واخلاقهم وصفاتهم تتباعد او تتقارب ، كذلك اقدارهم واعمارهم لا تتشابه فليس كل مريض سكر مثل الاخر وليس كل مصاب بالضغط يشبه غيره من مرضى الضغط فكل له وضعه وقوته او ضعفه وطول عمره او قصره على حسب ما اراد الله تعالى ، لذلك التمسي العون والرضا والسداد وحسن الظن بالله من الله تعالى ليملأ قلبك املا وتفاؤل ولتسعد روحك ويهدأ بالك
اللهم ارحم ريما واجعل قبرها روضه من رياض الجنه وارحمنا اذا صرنا الى ما صارت اليه. اللهم امين
الحمد لله الذي بنمته تتم الصالحات
الحمدلله أن كان ربي رباً أدعوه فيستجيب .
أنا اليوم بأفضل حال .
الله يديم لي حبك وقلبك يا سوسو
مهما بلغ علو التفاؤل وانسجامه بحياتنا
فأننا نرجع ونتذكر الذكريآت الحزينة ولايمكننا ان ننساها
الله يرحمها رحمة واسعه ويسكنها الفردوس الاعلى ايمانها
قوي جدا وبكلامها فراشة في بساتين التفائل رحمها الله ..
برهوم
لا يمكن أن نسى الذكريات الحزينة ، لكن لا ينبغي للمرء أن يظل رهين الحزن والأسى .
أسوأ المشاعر مشاعر الأسى .. علينا أن نعيش حياتنا بسعادة قدر الإمكان .
نعم أحياناً نستسلم للأحزان لأننا بشر ، ولكن لا ينبغي أن تطول هذه الفترة .
علينا ان نرجع سريعا لمزاولة حياتنا والاستمتاع بمباهجها ونكون أفراد فعالين .
شاكرة لك مرورك .
ثم ألم تؤمني مرة بأن ألطاف الله تنزل على العبد المبتلى حتى لا يكاد يرى بلاءه >>
الله اكبر مااجمل هذه العباااااااااااااااااااااااااااره والله بسم الله ماشاء الله عليك ياهناء الله يحميك يارب ويغفرلك ولها ويشفي جميع مرضى المسلمين ويجزاك جنان الخلد واسئل الله لك نعيم الدنيا ونعيم الاخره
———————————
واخر كلامي ….
ان الحمدلله رب العالمين صحيح الانسان مبتلى ااذا يغفر له برحمه الله …..
اللهم آمين
أشكر لك نسرين مرورك ودمت بإيمان
((غفرالله لنا ولهــا واسكنها فسييح جناااته))
لاتحزني يا استاذتي الغاليه وتذكــري “لن يغلب عسر يسرين”
مادمتي مؤمنة بقضاء الله وقدره فقري عينا ولاتحزني ان الله معكي ..
الحمد لله على كل حال
شكرا لك فطومة مرورك 🙂
نحنُ ك بشر يغلب علينآ طابع الحزن والتآثر على وفاة شخص آو آلمه … وخصوصآ عندمآ نكون قد ذقنآ معه آو بالآصح قد جربنآ هذآ الآلم ومعآنآته .
نحزن نتآلم ندعي لهم ؤلآآنفسنآ بالرحمه ’ لكن يجب آن لآ ننكسر ؤلآ نضعف ’ يجب آن نستشعر
بحلآوة وجمآل حديث النبي صلى الله عليه وسلم
إن الله إذا أحب قومٍ ابتلاهم . آو فيمآ معنى الحديث ’ ؤمآ بعد محبة الله آي شيء آخر ’
الحمد لله الحمد لله دآئمآ وآولآ وآخرآ .. آنتئ آنسآنه رآئعه ’ صبورة مفعمه بالآمل والتفآؤل ومنكِ سنتعلم أن الحياة جميله رغم الآلم ومع ذلك لأا ننسئ آن مآعند الله خير وآبقى .. شكرآ لكِ وآلف تحيه .
اللهم اغفر لي ما لايعلمون واجعلني خيرا مما يقولون
جزاك الله خيرا جنى على كلماتك الرقيقة .. أسعدك الله كما أسعدت قلبي العجوز 🙂
اللهم اغفرلها وارحمها واجعل قبرها روض من رياض الجنه
الله يحفظك ويحميك ويخليك لعائلتك ويخليك لنا استاذتي
وكوني علي ثقه (ان الله لايضيع اجر من احسن عملا)
واكثر الناس ابتلاء احبهم الي الله تعالي
اللهم اننا نسالك حبك وحب من يحبك وكل حب يقربنا الي حبك …
يديك العافيه علي المدونه والله دمعت عيني وانا اقراها >>
هنيئييئا لكِ يأريما
لمثل هذا فليعمل العاملون
رحمها الله وأسكنها الرحمن الفردوس الأعلى
هنااااء
لأزلت أتامل ردؤدكِ هنا ومادونته في خاطركِ =كلاهما يجمعان حسن الظن بالله
~فليظن عبدي بي مأشاء ~
رباه اجعلنا ممن يحسن الظن بكِ ويتوكل حق التوكل عليكِ
رحم الله ريما ، وليرحمنا معها .
الله يعيننا على إحسان الظن ويغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا .
سعيدة لمرورك أمل
كلماات جداا جميله ما توصف جمالها عباراتي
لامست الكثيير في داخلي خاصة عند حوارك مع شخص عن الدعاء
وهنا
ثم ألم تؤمني مرة بأن ألطاف الله تنزل على العبد المبتلى حتى لا يكاد يرى بلاءه ؟
اسعدك الله وجزاك الله خيرا وجمعنا في الفردوس الاعلى عند خير المرسلين