التغريدات الذهبية في التربية السحرية (2)
8 يناير 2012 بواسطة هناء
ملحوظة : تجنباً للتطويل فإني عمدت إلى استخدام كلمة ( الأب ) اختصاراً لتدل على أحد الأبوين ، وكذلك ( الأبوة ) .
ينبغي أن يتصف الوالدان الفعالان بصفتين مهمتين :
1- الدفء والصداقة .
2- الحزم والتطلب .
الدفء و الصداقة يعني أنك تعتني بمتطلبات الطفل العاطفية والجسدية : تهتم بطعامه وسلامته ودفئه وتتأكد أنه يتلقى ملبساً جيداً ونوماً كافياً . كما يجب أن تكون دافئ المشاعر مع الطفل ؛ فتشاركه سعادته عند الحصول على أصدقاء جدد ، تهدئه إذا ما سقط الأيسكريم على الأرض ، تصغي باهتمام إذا كان غاضباً من الأستاذ وتستمتع بصحبته .
الصفة المهمة الأخرى : الحزم والتطلب . الوالد الجيد يتوقع شيئاً من طفله ؛ السلوك الحسن في المدرسة ، احترام الكبار ، التحصيل الدراسي الجيد ، الاهتمام بالرياضة الشخصية ، والعلاقة الطيبة مع الأصدقاء والتي تتضمن اللطف والتعاون .
يتوقع أن يلتزم الطفل بالقوانين، ويعمل من أجل الغير ويتعامل أحياناً مع الأمور الصعبة أو المخيفة .
بكلمات أخرى : يتوقع الأب أن ينشأ الطفل ليتمكن من مواجهة تحديات الحياة .
قد تبدو هاتان الصفتان متناقضتين ، والحقيقة أنهما ليسا كذلك . أحياناً تستدعي الظروف الصفة الأولى ، وتستدعي ظروف أخرى الصفة الثانية .
مثلاً : ضرب سامي أخته سندس ، هذا وقت ظهور صفة الحزم والتطلب .
قام سامي باللعب مع أحمد الصغير أثناء انشغال الأم ، هذا وقت ظهور صفة الدفء والصداقة .
إن التحلي بهاتين الصفتين يرسل رسالتين مهمتين للطفل :
1- الدفء والصداقة : أنا أحبك وسأعتني بك .
2- الحزم والتطلب : أنا أتوقع منك بعض الأشياء .
إن التحلي بهاتين الصفتين لا يعني أن يظل الأب يحوم حول ولده يراقبه في جميع تحركاته ، ولا أن يحميه من نسمة الهواء ، ولكنها تعني أن يعطي الطفل الفرص لعمل المزيد من الأشياء بمفرده كلما تقدم في العمر .
التلقائية مقابل الأناة :
هناك نوعان من النشاطات الأبوية : أحدهما تلقائي والآخر متأن ومدروس . النشاط الأبوي التلقائي يشمل الأمور التي يفعلها الأب يومياً وبغير تفكير ( تلقائياً ) كحمل الرضيع ، أو تهدئة الطفل الباكي الذي سقط للتو ، وهذه أمور إيجابية. لكن أحياناً يكون التصرف التلقائي غير سليم ، كما لو صرخ الأب على الطفل ذي السابعة الذي يقوم من سريره كل دقيقتين لأنه يسمع صوتاً في الخزانة .
مع التربية السحرية عليك أن تلتزم أولاً بالتصرفات التلقائية الإيجابية كالإنصات الجيد والثناء على عمل طفلك الحسن .
بعد ذلك ، قم بتمييز تصرفاتك التلقائية السلبية المؤذية ، أو المحبطة أو التي لا فائدة منها ، ثم قم بتبديل التصرفات السلبية بأخرى إيجابية متأنية ومدروسة .
قد تود مثلاً أن تستبدل الصراخ على الطفل بأسلوب العد .
وأخيراً : تمرن ، تمرن، تمرن ! اعمل جاداً حتى تتمكن من ترسيخ هذه التصرفات التلقائية الإيجابية .
لا تنس أن التلقائية الأبوية تشمل نوعاً مهماً من النشاط وهو القدوة . الأطفال مقلدون جيدون ويتعلمون الكثير من مجرد المشاهدة ، فلو كنت محترِماً للغير ، سينزع الأطفال لفعل المثل ، ولو كنت تميل لشتم السائق الذي ( سقط ) عليك فـ .. حسناً ، فهمت مرادي !
الوظائف الأبوية الثلاثة :
هناك 3 وظائف أبوية مهمة وتستدعي كل وظيفة استراتيجية معينة في التعامل . كلٌ من هذه الوظائف الثلاثة تعتمد على بعضها البعض إلى حد ما. تجاهل أحدها وتحمل أنت النتيجة ، أو اتصف بها معاً وستكون أباً جيداً .
الوظيفتين الأوليين تتعلق بسلوك الطفل ، والوظيفة الثالثة تركز على العلاقة بين الأب والطفل .
الوظيفة #1 : تشمل التحكم في السلوك الذميم : لن يمكنك أبداً أن تعاملك طفلك معاملة حسنة إذا كان يقلقك على الدوام بسلوكيات مزعجة كالنواح والمجادلة وأذيتك أو إخوانه ، والصياح والمضاربة . مع التربية السحرية ستتعلم كيف ( تعد) للسلوك السيء ، وستدهش حتماً لمدى فعالية هذه التقنية السهلة .
الوظيفة #2 : تشمل تحفيز السلوكيات الجيدة كترتيب الفوضى التي أحدثها ، الذهاب إلى الفراش ، أن يكون مهذباً ويؤدي واجباته الدراسية ، وهذه السلوكيات ولا شك تتطلب جهداً من الأب و الطفل أكبر من التحكم في السلوكيات الذميمة ، وذلك في سبع تقنيات مفيدة .
الوظيفة #3 : تقوية العلاقة بين الأب والطفل . بعض الآباء لا يكادون يحتاجون التذكير بهذه الوظيفة ، والبعض الآخر يحتاج ليبذل جهداً خارقاً في ذلك . إن الاهتمام بنوعية العلاقة مع الطفل سيساعدك حتماً في الوظيفتين الأوليين .
الوظيفة #1 و #2 : ” توقف ” مقابل ” ابدأ ” :
تواجه الآباء مشكلتان أساسيتان أثناء تربية الأطفال وتستدعيان الوظيفتين الأوليين من وظائف الأبوين . الطفل إما أن يفعل سلوكاً سلبياً نريده أن ” يوقفه ” ( كالنواح ) وسنطلق عليه اسم : سلوك التوقف ،أو أنه لا يفعل السلوك الإيجابي المطلوب منه ( كارتداء ثيابه ) وسنطلق عليه سلوك ” ابدأ “.
وفي خضم الصخب والضجيج اليومي قد لا يتنبه الأب إلى أهمية التفريق بين السلوك المراد توقفه والسلوك المراد بدئه ، هذا التفريق ضروري في التعامل تجاهه ، كما أنه ضروري ليجعل حياتك أكثر سهولة .
سلوك ” توقف ” يشمل المشاكل الصغيرة اليومية المتكررة كالنواح ، عدم الإحترام ، نوبات الغضب ، الجدال ، المضاربة ، المناكفة ، العبوس ، الصياح وهكذا . سلوك التوقف يتراوح عادة بين الإزعاج الخفيف والإزعاج المطبق . قد يكون كل واحد من هذه السلوكيات غير مزعج بحد ذاته ، ولكن اجمع اثنين أو ثلاثة منها في وقت الغداء بعد رجوعك من الدوام وستشعر أنك على وشك أن تهاجر إلى سيبيريا .
سلوك البدء يشمل السلوكيات الإيجابية كترتيب الحجرة ، أداء الواجبات الدراسية ، النهوض سريعاً من الفراش صباحاً ، والخلود إلى الفراش في وقت النوم ، تناول طعام الغداء والتصرف بتهذيب مع الغير .
إن السبب الذي يدعو إلى التفريق بين السلوكين هو أنك ستحتاج إلى استعمال استراتيجيات مختلفة لكل سلوك ومشكلة.
لسلوك التوقف ستستخدم أسلوب العد ، وهو أسلوب سهل ولطيف كما أنه مباشر . أما سلوك البدء فسيكون لك الخيار في اختيار أحد سبعة أساليب إما أن يستخدم كلُ بمفرده أو بخلط أسلوبين أو أكثر معاً .
سلوك البدء يحتاج تفكيراً وجهداً أكثر من أسلوب العد .
لماذا هذا التراوح في الأساليب :
إن هذا التراوح في الأساليب يرجع إلى الحافز وراء اختيار الطفل لأي سلوك . إذا كان الحافز جيداً فكم يستغرق من الطفل ليتوقف عن سلوك سيء كالنواح أو الجدال أو المناكفة ؟ الجواب هو : ثانية واحدة تقريباً ، اعتماداً على درجة غضب الطفل ، لكن بشكل عام فإن إنهاء سلوك ذميم لا يحتاج إلى جهود مضنية .
أما سلوك البدء فانظر كم يحتاج الطفل من الوقت لينهي عملاً بناءً ومفيداً كتناول الطعام مثلاً ؟ ربما 25-35 دقيقة.
ليرتب حجرته ؟ ربما 15 دقيقة ، ليتجهز للفراش ؟ 20 دقيقة ، ليتجهز للمدرسة ؟ 30 دقيقة .
عليه أن يبدأ بالعمل ويستمر فيه إلى أن ينهيه ، وفي الغالب يكون العمل مملاً ومضجراً لطفل صغير أن يفعله .
عند التعامل مع الطفل في أمر ما فإن عليك أن تحدد أولاً ما إذا كان السلوك المطلوب منه هو سلوك التوقف أو سلوك البدء : هل هو أمر تريد من طفلك أن يتوقف عن أدائه ، أو أنه أمر تريد منه أن يشرع فيه حتى ينهيه ؟
وبما أن أسلوب العد سهل جداً ، فإن كثيراً من الآباء يخطئون أحياناً عند استخدامه للسلوكيات المراد بدءها كأداء الواجبات المدرسية مثلاً ، وستلحظ فيما بعد أن أسلوب العد ينتج حافزاً للأطفال يستمر لفترة قصيرة جداً ، تتراوح بين بضعة ثوان إلى دقيقتين فقط .
لو قمت بخلط الأساليب بهذه الطريقة فإنك لن تحصل على نتيجة مرضية . ولكن لا تقلق ، فالإجراء برمته سهل جداً وستصير محترفاً في فترة وجيزة . التربية الفعالة ستؤتي أكلها ، وصدق أو لا تصدق : سيبدأ طفلك في طاعتك !
الوظيفة #3 :
وتتعلق بنوعية العلاقة بين الأب والطفل ، وهذا يعني ألا تحتل الشاشات الأوقات التي يفترض أن يقضيها الطفل مع أبيه ، والأهم من ذلك فإن تقوية العلاقة بين الأب والطفل تعني أن كلاً منهما يثمّن قيمة الاستمتاع بوقته مع الطرف الآخر.
في التدوينة القادمة سنناقش :
– افتراضية الأطفال البالغين .
– الدكتاتورية مقابل الديمقراطية .
– الخطئين التربويين العظيمين .
0.000000
0.000000
أرسلت فى أمور عائلية وما إلى ذلك | مصنف الأبناء, التربية | 2 تعليقان
مفيد ماشالله مجهود ممتاز استمري ..
جميعنا بحاجه لمثل هذا الموضوع لنرتقي في تربيه ابنئنا وجعله الله في ميزان
حسناتك