متع مبهجات : (فرق التشجيع !)
20 يناير 2012 بواسطة هناء
يقولون أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ، ويقولون : جنة بلا ناس ما تنداس .
ما الذي يمنع من أن أضع بصمتي كذلك في عالم الأقوال ، فأقول : إذا أردت أن تستمتع بحياتك فأحط نفسك بفرقة تشجيع Cheerleaders .
حينما أُصبت بالسرطان قبل سنتين ، أحاطني الله بمجموعة جميلة من فرق التشجيع ..
كنت أحياناً أعاني من الغثيان ، أو الألم بسبب عقار التاكسوتير ، أو الإحباط حينما أرى رأساً كالبيضة يتوسط كتفي ، أو أنظر إلى وجهي فلا أجد رموشاً ولا حواجب ، أو يقرصني الجوع ويرفض لساني بعناد قبول أي طعم .
لم أكن أترك لنفسي العنان للانسياق في المشاعر السلبية ، فكنت كلما حشرني موقف صعب استعنت بالله وتجلدت له ورميته وراء ظهري فقد كنت موقنة أنه لا ينبغي لي أن أبكي .
ربما لأني شعرت أن البكاء فيه نوع تسخط على قضاء الله عليّ، على الرغم من محاولات صديقاتي المستميتة في إقناعي بأن البكاء لا يتنافى مع الرضا ، ولكن هيهات ، يبدو أن الكيماوي سبب لي بعضاً من الثخانة في قشرة الدماغ الخارجية.
ربما لأني كنت أكره أن تراني أمي أبكي فيألم قلبها لي ، أو تراني شمس فتنزوي في رعب حين ترى الجبل الشامخ يهتز.
ربما لأني أعلم أني لو بكيت فلربما لن أتوقف إلا بعد ساعتين وقد انتفخت أجفاني واحمر وجهي ، وارتفعت درجة حرارتي.
فكنت أفضل تجاهل الأمور ، وتمثيل اللامبالاة وكأن الأمر لا يعنيني ، وكأن غيري أصيبت بالسرطان، وكأن غيري استؤصل ثديها ، وكأن غيري أصيبت بالصلع ، وكأن غيري ابتعدت عن أبنائها لتتلقى العلاج ، وكأن غيري انفصلت عن زوجها.
ولكني رغم كل شيء كنت – ولا زلت – بشراً يعتريني من لحظات الضعف ما يعتري الآخرين ، فأتخاذل ، إلا أنني بحمد الله كنت دائماً أتخاذل أمام الناس ( الصح ) .
أمام بنات أخواني اللواتي يسكنّ مع أمي في ذات العمارة حيث أقمت لتلقي العلاج . كثيراً ما كنت أسمع ثناءهن على حكمتي ، كثيراً ما أشعرنني بأنني ملكة ، لا تحتاج إلا أن تشير فيخدمها الجميع ، كثيراً ما كن يستشرنني في أمورهن الخاصة ، كثيراً ما كن يدفعنني للحديث عن نفسي لأن النفس تحب ذلك ، كثيراً ما أوحين إلي بحب الحياة ، فعلمتني إحداهن التصوير ، وأهدتني أخرى دفتراً ملوناً وقلماً جميلاً استعداداً للدراسة الجامعية ، وأنا التي كدت أن ألغي شراء حقيبة أوصيت بها قبل معرفتي بتشخيص المرض لأني لم اشأ أن أضيع أموال ( الورثة ) .
كثيراً ما كنت أتهاوى لثقل ما أتحمله فأبكي لأجدهن يبكين معي ، حتى إذا ما أفرغت انفعالاتي المضطرمة في دقائق وسكتُّ ، سكتن كذلك وغيرن الموضوع في مرح ، وكأنهن لا يحتجن إلا إلى ضغطة زر ليتقمصن المزاج الذي كنت فيه فيوافقنني ، وكانت الصغريات منهن يستمتعن بالمسح على شعري النامي القصير ، ويراقبن بفرح وحماس نموه يوماً بعد يوم .
معهن شعرت أني في عوالم رحبة ، لا أني مريضة سرطان على وشك أن تموت كما يوحي إلينا اسم ( السرطان ) .. شعرت وأنا في تلك الفترة الحرجة بأني أريد أن أعيش لأسعدهن كما أسعدنني .
وفي المدينة كانت هناك فرق تشجيع أخر ترسل الطعام لأولادي بين الحين والآخر ، غداء أو عشاء ، أو مجرد فطائر وكيك، من نادية وعائلتها المباركة ، من لينا ، من لمياء ، وتصلني الأنباء من الأولاد ، ويمتلئ قلبي شكراً لله ثم لهؤلاء الأخوات الرائعات اللاتي ما فتأن يرسلن رسائل مخبأة في ( البريك المديني ) أو ( الرز الكابلي ) أو ( البيتزا ) بأننا هنا فلا تشيلي هم !
وقبل أشهر ألقيت دورة مكثفة في أحد المعاهد العلمية في فن مصطلح الحديث استمرت شهراً . ولما كنت – بطبعي-لا أستطيع أن أظل جادة جداً لأكثر من ربع ساعة ، فكثيراً ما كنت أخرج عن الموضوع الأصلي لألقي طرفة هنا أو قفشة هناك وكونت الطالبات عني بعض الأفكار .
في يوم كنت ألقي الدرس أمام 24 طالبة وفجأة انتبهت أن في الصف الأيمن جلست ست طالبات متجاورات يرتدين ثياباً بدرجات البنفسجي المختلفة ، فقطعت الدرس وقلت : ” الله ، هذي الناحية لونها جميل” ، وأدرت نظري إلى الجهة الأخرى لأرى نفس المنظر ، وحينما أمعنت النظر وجدت أن 18 من الأربع والعشرين يرتدين اللون البنفسجي والذي علمن بمحض الصدفة ولعي به ( و لا ، لا يترتب على الدراسة أي درجات ، لو تفهمون قصدي ) .
تصايحت الطالبات : ( توك يا أبلة تنتبهي ؟ ) .. نعم لا أتمتع بقوة الملاحظة فلم أنتبه إلى هذا التوافق اللوني إلا في المحاضرة الثانية بعد الفسحة ، وعلمت باتفاقهن على ارتداء البنفجسي إدخالاً للسرور على نفسي .
لم أتمالك نفسي ودمعت عيناي . هاهنا رسائل حب مغلفة بالبنفسجي أعطتني دفعة أقوى للحياة في الوقت الذي كنت أحاول أن أتكيف مع خروج سهل من البيت ، شكرتهن وأخبرتهن أنهن فرقة من فرق التشجيع التي وهبني الله إياها بعد انتهاء فترة علاجي وابتعادي عن بنات إخواني .
أما الحفل الختامي فكان حكاية أخرى : هدايا بنفسجية وكلمات رقيقة وحب جارف ملأ قلبي حبوراً .


وفي هذه الأيام أقيمت مسابقة في عالم تويتر الأخاذ لأكثر من يُرشح متابعته هذا الأسبوع .
فوجئت بمن يرشحني مع سبع متسابقين آخرين .
لن أكذب وأقول أن الأمر لم يهمني أو أن ترشيحي وعدمه سواء .
بالعكس ، فرحت وتحمست للأمر ومن باب ( البهللة ) قمت بحملات انتخابية ودعائية وكم كانت سعادتي بتلقي كماً هائلاً من التشجيع والحب من أناس لا أعرفهم ولم أقابلهم في حياتي ، وإنما كان هذا العالم الافتراضي هو مكان لقاءاتنا المتكررة .
وسبحان الله ، مرة ثانية تكون فرق التشجيع هذه شاغلاً لذهني عن البلاء الجديد الذي اقترب موعده ( فضلاً مراجعة التدوينة التي تحمل هذا الاسم ) .
أحياناً حينما ( يكبس ) عليّ مود الحزن يهتف صوت عميق في داخلي محاط بموسيقى تصويرية مأساوية ، يقول : هناء، احزري .. بقي عشرة أيام فقط على سفر سهل إلى أمريكا ، ولن تريه إلا بعد سنة .. سنة .. سنة .. سنة ..
الله العالم من سيموت ومن سيعيش في هذه السنة .. سيتركك الابن البار .. سنة .. سنة .. سنة ..
وتدمع عيناي وأبدأ في الاندماج في هذا ( المود) لأسمع صوت ( المنشن ) في الآيباد وأجد رسالة تشجيع جميلة من أحد المتابعين ودعاء بالفوز في هذه المسابقة ، فأكفكف دمع قلبي وأنهمك في حملاتي الانتخابية والتصويت .

واليوم انتهت المسابقة ولم تعلن النتيجة بعد .
إلا أن الحب والتشجيع والكلمات الدافئة التي أحاطني بها المتابعون الأعزاء أضفت سروراً عطراً على حياتي لم يعد يهمني معه على أي مركز حصلت .
أشعر أني بكل تلك المشاعر الدفاقة قد حصدت أعلى النتائج .
سبحان الله ، كم من الكلمات والتصرفات والهدايا البسيطة التي يمكننا أن نقدمها ولا نلقي لها بالاً يمكنها أن ترفع أناساً إلى قمة السعادة .
لماذا نعاني من البخل في الألفاظ والمشاعر مع أنها قد تقلب كيانات لأناس كثيرين ، وقد يكونون بأهمية بالغة في حياتنا كآباء أو أبناء أو أزواج ، أو مجرد أصدقاء .
العلاقة الطيبة تحتاج إلى وقود يبقيها مضرمة .. الكلمات الرقيقة والمشاعر الصادقة خير وقود لهذه العلاقة .
متابعي الأعزاء .. لا أملك إلا أن أشكركم على دعمكم وتشجيعكم ، أسعدتم قلبي الكهل بالفعل ، ورسمتم البسمات المتتاليات على شفتي ، ووهبتموني بكرم أخلاقكم وجميل خصائلكم سويعات غاية في الإمتاع .
أسأل الله أن يتولاكم برحمته ويرزقكم من فيض خزائنه .
0.000000
0.000000
أرسلت فى متع مبهجات | مصنف متع, نعم الله, الفرح, الأخوة, الحب | 10 تعليقات
ماعندي أي تعليق، لأنه من جد التدوينة رائعة وتخش القلب على طول، رغم إنه فيها شوية من الحزن.
هذول بس اللي شجعوكي؟؟ يبغالك تشوفي الصفحة حقت التصويت أغلب الناس كاتبين نصوت لأبلة هناء وبس ومعليش يانجلا وكذا ههههه وانا البطة السودا.
هههه نجلاء ، كوني أكون أنا وانت في نفس المسابقة مكسب لي . الله يبارك لك في علمك وثقافتك وأخلاقك ، وتراني من أشد المعجبين بك .
سيدتي ….لم اقرأ كلمات بل مشاعر صادقه وجميله ..دخلت اعماق قلبي .. رغم ماتحمله من الم الا انها مليئة
بالامل والتفاؤل ..اتمنى لو ان هناك كثيرين ممن يحملون كقلبك..حفظك الله لشمس واخوانها ..وبارك الله في كل من حولك …
لو لم تفوزي بالترشيح …فانت فزت بقلوب الكثيرين
صحيح يا علياء ، الحمد لله الذي وهبني كل هذا الحب والعطاء من قبلكم .
شاكرة مرورك وتعليقك
تدوينة أخرى .. رائعة .. ما أن تبدأ في أول كلمة لا تستطيع التوقف إلا عند نقطة النهاية :”)
أ.هناء .. أتمنى فوزكِ من كل قلبي 😀
ربي يسعدكِ ..
ما أسعدنا ما أبهجنا..دعوة ٌ من قلب الأم الطاهر إنه لكنز….فقط ضغطنا على زرٍ إلكترونيٍ صغير ..فـ إنهالت علينا دعواتها كالمطر…أسعدك الله أبلة هناء وأبعد عنكِ وأبنائكِ كل مروه…بإذن الله راح تنقضي أيام بعد ولدك عنك سريــــــعاً جدابفرحة بعدها بلقياه وسعادتكِ بما حققه ونسيان أوقات الانتظار يارب….في كلماتك جمال لايوصف لاحرمنا الله قلمك الرائع يارائعة ^_^
صديقتي التي احبها كثيرا
واختي التي افخر باخوتها
ما اجمل ما تكتبين بارك الله لكي استمتع كثيرا عندما اقرأ كتاباتك واجد لها لذه عجيبه وكانك تكتبين منذ سنين وانا اقرأ لكي ، اسلوب غير متكلف وبسيط وقريب للقلب ، وعبارات حلوه وسلسه وتشبيهات لا تخطر على البال ، وتصوير دقيق للإنفعالات النفسيه وكانها في قلبي وليست في قلبك
وفقك الله وزادك همة ونشاطا ونريد المزيد من المدونات وليس الدونات وفي انتظار كتاب اخر باذن الله على احر من الجمر
كعادتك أبله هناء تدوينه رائعة بالرغم من وجود بعض الحزن فيها أسأل الله أن يحقق لك مرادك ويسعدك ونحن نستمد التشجيع منك إستمري
عمّت هندآآ يآآ عممممت هنندآآ يآآ عمتتتهم كلللللهم وعممتي أنآآ كمممممآآآن
♥ ___________ ♥
إيييش سويييتيي إيييش سويييتيي فييني اللـَّہ يسلمممك :O :O ♥ ♥ ♥
مآ أعررررف أنادييكي بإييش ؟
عمممة هننو ؛ زي هندآ بصفتييي أختهآ :”’
وللاا خآآلة هنآآء ؛ زي المجتمع ما يبغىى !!
وللآآ أبلة هنآآء ؛ زي طآآلبآآتك ؟ !!
أختآآآريييلي اللـَّہ يخلييييكككيي 😥 😥 ♥ ♥ ♥ ..
المهم إنو ممممممممررآآآ يآحظهههههممم فيييكيي .. يآآآآحظهم فييكي بككل معانيييههآآ ♥ ______________ ♥
أغبطهم وبشدة ، إنهم قابلووكي ، شآفووكي ، خالطوو رووحك حقيقة ، عاشو معآآكي ، شجعووكي وسآرو فرييق التشجييع ( حقّك ) ، أتعلمو منك .. أي شيء أي شيء في الحييآآة ..
قويية يستمدو منك القووة ..
مررحة ويستمدو منك المررح ..
حنوونة ويستمدو منك الحنآآن ..
صبوورة ويستمدو منك الصبر ..
حكيمة ويستمدو منك الحكمة ..
قدووة في تمسكك بالديين ..
أحسك تصنعي نهضة ، تحدثي تغير ، تربي ( بل مربية ) أجيآآل ..
اللـَّہ يبآركلك .. اللـَّہ يبآركلك .. اللـَّہ يبآركلك ..
ونحنآ نقوول هندوو من فيين ؟
ومآ ذاك الشبل ؛ إلآ من ذآك الأسد ..
حركتي فيني مشآعر ، وتقدري تضيفييني لقآئمة إللي منك يستمدوون القووة ..
نوسة
خجلتيني بكلماتك الحلوة من جد مش عارفة ايش ممكن أقول
الله يسعدك زي ما أسعدتيني والله يهنيك بهندو فعلا حبيبة بيت الحكيم
ملحوظة: تراك صرت من فريق التشجيع 😉