عشر نقاط مهمة لتنشئة طفل مثقف
31 يناير 2012 بواسطة هناء
حين كان كباري الثلاثة صغاراً كنت دائما أتلقى الأسئلة والاستشارات في كيفية جعلهم مثقفين !
ترددت كثيراً في كتابة هذه التدوينة إذ أن للدكتور عبد الكريم بكار كتاباً في كيف يصبح ابنك قارئاً ، ثم فكرت أنه لو اقتصر كل فرد على الكتابة فيما لم يكتب غيره لانتهت المواضيع منذ قرون ، ولم يكتب أحد شيئاً .
لذا فقد تشجعت من جديد في تدوين ما يخطر ببالي وبناء على تجاربي الشخصية في كيفية تعديل سلوك الطفل الثقافي خاصة وأن بعض المحبين ممن يحسن الظن بي في تويتر طلب مني ذكر تجاربي مع أولادي في هذا الشأن بالذات .
فإذا أردت تعزيز سلوك القراءة عند طفلك فالنقاط التالية قد تساعدك :
1- معرفة أهمية القراءة ، فمن لا يعرف هذه الأهمية فلن يكون حريصاً على تنشئة أطفاله عليها . القراءة تنمي الفكر وتصقل مهارة التعبير ، وتحسن الإملاء وتقوم اللسان وتشغل الوقت بما هو مفيد وبذلك تكون ضربت صفاً كاملاً من العصافير بكتاب واحد ، فينشأ الطفل في الغالب متقناً لمادة القراءة والإملاء والقواعد والعلوم والتاريخ والجغرافيا والدين ( حسب نوعية القراءة ) .
2- إبعاد المُشغِلات عن البيت ، وأعني بها كل ما قد يشغل الطفل عن القراءة لشدة إمتاعه كالتلفزيون والكمبيوتر . كثيراً ما كانت تسألني الأمهات كيف أفلحت في تحبيب القراءة لأولادي ، فكنت أجيبهم دائماً : لم يكن عندهم حل آخر . حين كان خالد وسهل وفاطم صغاراً لم نكن نملك تلفزيوناً ، وكان أبوهم يسميه : مفسديون . كان الصغار يلعبون بكمبيوتر صخر في البداية ثم سوبر نينتندو، ولم نزل نتدرج في هذه المجموعة دون أن نخرق القاعدة التي وضعتها لهم : اللعب في عطلة الأسبوع فقط . وباقي الوقت كان لفعل أي شيء آخر بعيداً عن الشاشات .كانت هذه قاعدة لا تقبل النقاش ، والطفل إذا ما اعتاد على روتين معين لأي شيء فإن هذا من أعظم ما يمكن أن يريح الأم . ولهذا فقد نشأ أولادي بفضل الله تعالى متفوقين في دراستهم ، متفوقين في التحفيظ وقارئين جيدين ، ببساطة لأنه لم يكن عندهم اختيارآخر ، خاصة وأن اللعب في الشارع كان ممنوعاً ، وكنا نعيش في غربة بعيداً عن الأهل .
3- شراء مكتبة خاصة بهم ووضعها في حجرتهم أو قريباً منها ، وإمداد هذه المكتبة بين الحين والآخر بقصص مختلفة . كنت لا أتأخر عن شراء أي قصة مناسبة لهم ، وكنت أدفع مبالغ كبيرة لكتبهم قد تصل أحياناً إلى 800 ريال في معارض الكتاب أو المكتبات الكبيرة ، وأذكر أني اشتريت موسوعة ” الباب المفتوح ” المكونة من 13 مجلد بألف ريال مرتين ، مرة للثلاثي الأول ( خالد وسهل وفاطمة ) ومرة أخرى للثلاثي الثاني (عبد الرحمن وعبد الله ولطيفة ) . إلى الآن بإمكان خالد وفاطم تسميع بعض المقاطع في هذه الموسوعة الرائعة والتي لا أدري لم لا نجدها في الأسواق والمكتبات السعودية . في مكتبة أولادي كنت تجد القصص الإسلامية والألغاز المصرية ومجلات ميكي وماجد وباسم وسنان ، والموسوعات المختلفة بكميات كبيرة ، فإذا رجعنا إلى النقطة السابقة وهي عدم السماح لهم باللعب بالكمبيوتر عرفت متى كان يقرأ أولادي كل هذه الكتب .
4- التحدث مع الأطفال بلغة الكبار : لم أكن أحب أبداً أن أخاطب الطفل منذ أن يعقل الخطاب بكلمات الأطفال : تأكل أم ( بتفخيم الميم ) ، اجلس تتّو ، اوقف هوبّا .. كنت أشعر أن هذا قتل للغتهم ، فكنت أحادث طفل الرابعة كما أحادث طفل العاشرة ، واقرأ لهم القصص بلغة فصحى مبسطة ، فنشأت لغة أولادي ( الكبار على الأقل) بفضل الله سليمة وسلسة ، وأذكر أن أحد أخواني سمعني وأنا أشرح لخالد عن شيء سألني عن معناه وكان في الرابعة الابتدائية ، فقلت ضمن ما قلت : حين يتغلغل الشيء في نفسك . فضحك أخي وقال : ( مرة حيفهم يتغلغل ) ، فقلت له : يفهمها ، واستدرت لخالد وقلت له : اشرحها . فشرحها لأخي وكأني أرى الآن دهشة أخي أمام ناظري .
5- لا تساعد طفلك في شرح كل كلمة مبهمة : أحياناً تصادف الأطفال أثناء قراءاتهم بعض الكلمات الغريبة التي لا يعرفون معناها وقد يسألونك عنها ، فلا تجبهم مباشرة ، واجعلهم يفهمون معناها من سياق الجملة ، فهذا أدعى إلى ترسيخها في الذهن وتعويدهم الاعتماد على النفس بدلاً من الاعتماد عليك .
6- جعل الكتاب هدية : حينما كنت صغيرة كانت أجمل الهدايا التي يمكن لي تلقيها : القصص والكتب . كانت هديتي من أمي إذا نجحت بتفوق في الفصل الدراسي مجلد لولو ، أو مجموعة من قصص المكتبة الخضراء ، أو ربما بعض الألغاز المصرية التي كنت أقضي فيها ساعات طويلة في متعة تفوق الوصف . صار الكتاب مرتبط في ذهني بالنجاحات والمتعة ، ففي الحين الذي كانت قريناتي يفرحن بالعرائس وأدوات المطبخ كهدايا ، كنت أطير إذا ما تلقيت مجموعة من القصص الجديدة التي تغذي خيالي وتجعلني أفخر على صديقاتي بمعلومات لا يعرفنها .
7- اصطحاب الأطفال في نزهة مرة في الشهر على الأقل للمكتبة لاختيار ما يحبونه من كتب ودفاتر تلوين وكتب للأنشطة ، وتعويدهم على محبة المكتبة واعتبارها نزهة ممتعة بنفس إمتاع الملاهي أو الزيارات .
8- شراء نسختين من القصص الجميلة التي لقيت قبولاً عند الأطفال ، لأن الكتب عرضة للضياع أو التمزق وقد لا تجدها مرة ثانية ، فكنت أشتري من الكتاب الواحد نسختين أو ثلاثاً أحياناً وأخبئها عندي للجيل الجديد ، والآن تقرأ لطيفة ذات العشرة سنوات ما قرأه خالد وسهل وفاطم من قبلها .
9- تنويع مصادر الثقافة .. في الزمان الأول كان الكتاب هو المصدر الوحيد تقريباً للحصول على الثقافة المطلوبة ، والآن تنوعت المصادر فكان من المفيد عرض هذه المصادر عليه : الانترنت الآمن ، القنوات التلفزيونية الهادفة ، الأقراص المدمجة المفيدة ، تطبيقات الأيفون والأيباد النافعة .
10- تثقيف النفس ، فالطفل إذا توسعت مداركه وكثرت قراءته تكثر أسئلته ، وفي سن الطفولة فمن المفترض أن يكون الوالدان أعلم الناس في نفس الطفل لضمان وصول المعلومة بالطريقة الصحيحة ، وهذا يقتضي الحصول على أكبر قدر ممكن من الثقافة والإطلاع ، ولا أحصي عدد المرات التي كنت أتناقش فيها مع أولادي حينما كانوا في الابتدائية في مسائل فقهية وتاريخية وعقدية أحياناً ، وأكرر أن الطفل إذا لم يجد ما يفعله إلا القراءة مع توفر المواد المقروءة الجيدة المناسبة لسنه وهواياته فإنه سيلجأ إليها حتماً.
هذا ما تسنى لي جمعه من زوايا الذاكرة ، أرجو أن تفيد أحداً ، وحسبكم أنها مجربة وقد نفعت كثيراً بفضل الله .
0.000000
0.000000
أرسلت فى أمور عائلية وما إلى ذلك | مصنف الأبناء, الأسرة, التربية | 35 تعليق
والله فعلاً الكمبيوتر بيآكل امخاخ الأطفال وإذا حصل وقطعتيه عنهم فجأه رأيتي الملل على وجوههم كأنه مافي شي غيروا مسلي..أيأم المدرسة أنا أعمل زيك الكمبيوتر نهاية الأسبوع فقط ..لكن مؤخراً أخليهم نص ساعه بس أول ما يرجعوا من المدرسة كنوع من الراحه علبال أخلص الغدا واحطه..
وماشالله فكرتك للقراءه جميلة ..وفكرة انك تاخديهم ينقوا القصص جميلة أيضاً..
بالنسبة لمحاورتك للطفل وهو بسن صغيره بكلام اكبر منه بسويها دحين مع بنتي يارا وأحياناً احسها تفهمني أو كانها تفكر هههههه أول ما كنت اعرف بس فعلاً لاحظت انها تتجاوب معايا وان شالله تطلع قارئة صغيرة ..وراح أحاول اتابع مع الكبار كمان ..حبيت أضيف إنه قصص ما قبل النوم كمان مفيده لأنها تثري اللغة وترسخ بالمخ وتعجبهم
شكرا ملوكة على مرورك وتعليقك
الكمبوتروالتلفزيون من أسوا ما يمكن أن نتيح لأطفالنا . طبعا أولادي بيتفرجوا ويبلعبوا لكن هذا الترم بدات أقنن . الكمبيوتر فقط آخر الأسبوع بما فيه الأيباد ، والتلفزيون في وسط الأسبوع بين العصرو المغرب فقط ن وباقي الوقت للحوش أو بيت الجيران أو قراءة أو الألعاب ، أهم شي ، مو شاشات
رائع شكرا لك.
جزاك الله خيرا.
وإياك يا أبلتي 🙂
جزاك الله كل خير، تدوينة أقل مايقال عنها أنها رائعة !
وإياك نجلاء 🙂
تدوينة رائعه سأحاول تطبيقها مع أخوتي .. كم اتمنى رؤيتهم مثقفين ناجحين .. حفظ الله ابنائك واراك اياهم ناجحين في حياتهم العلمية والعملية
اللهم آمين ، وبلغك ما تتمنين فيمن تحبين
راااااااائعة جداً التدوينة ،، بارك الله في جهودك وزادك من فضله
وننتظر المزززززييييييد مما يروي ظمأنا ..
التدوينة جداً جداً جداً رائعة .. سلمت أناملك و نفع الله بك و بعلمك ..
صراحه كلامك مره يؤثر فيه احس اني متندمه ان اهلي مانمو فيه حب القراءه منذ الصغر:(
بس ان شاءالله بطبق الكلام هاذا مع بزورتي في المستقبل:)
كما يقول الأغربيون : it’s never too late
ما دمت ما لحقت على ذلك من صغرك ، فهذا لا يمنع أن تعودي نفسك على ذلك في الكبر .بإمكانك أن تلزمي نفسك على القراءة نصف ساعة في أي شيء يعجبك تداومين عليها ولا تتركينها لأي ظرف ، وبعد فترة ستجدين حلاوة هذه الهواية .
استاذة هناء
برأيك ماهو السن المناسب للبدء مع الطفل وتعويده على مسك الكتاب؟؟
قرأت مرة كتيباً كان مؤلفه قد جمع الكثير من القصص والكتب التي تناسب الأطفال من سن ٦ أشهر وحتى ١٨ عاماً لكن ضاع هذا الكتاب ولاأتذكر اسمه تعبت في البحث عنه وسألت عنه كذلك ولم يعرفه احد ممن سألت!!
أتمنى فعلاً أن يكون أبنائي مثقفين ويتحدثون الفصحى((: لكن المجتمع من حولي يقتل هذا الطموح)؛
من تجربتي الشخصية فإني كنت أعطي خالد كتاب كان يُهدى للأم الوالدة في المستشفى وفيه ارشادات وصور ، وكان عمره وقتها سنة ونصف. كان يحب يقرأ في هذا الكتاب كثيرا ويخبئه تحت الوسادة ليقرؤه قبل النوم يوميا.
كلما حاولت أن تقرب الكتاب للطفل بحيث يصبح صديقه ا قويت العلاقة بينهما ، وهذا لا يمكن أن يحدث مع وجود التلفزيون مفتوح طوال النهار ، والأيبود بيد الطفل يلعب فيه متى شاء والكمبيوتر متاح في كل الأوقات .
أما عن الحديث بالفصحى فلا اراه ضروريا وإنما الأهم أن يتقنها فهما وكتابة
ما شاء الله تبارك الله الله يحفظك لهم ويحفظهم لك جميعاً..
أشعر أنكم من كوكب آخر بعيد تماماً عنا
أول ما عرفت خالد في تويتر ومن قلة ادراكي ظننت أنه أنشأ ثقافته وثقته وروعته بنفسه
وبعد أن تعرفت عليك عرفت أن خلفه أم عظيمة ورائعة يستقي روعته من روعتها
شكرا لك ندى 🙂
ماشاء الله اهنيك على هذا الحرص والنفس لاولادك بارك الله لنا ولكي والله لايحرمك الاجر.
بس مو بعيدا عن الناس لانة اخوي بقي يقرا و يقرا يقرا يقرا والان عمره 37 ولا يعمل و غير متزوج ولا غ اجتماعي
كلام جدا رائع بل اكثر من رائع ماجورة انشاء الله
كلام اكثر من رائع بارك الله في عملك ونفع بعلمك ^ــــ^
شكرا لكي بس الاولاد عندهم اصحاب ويخالطون المجتنع
بارك الله لك فيهم
ماشاء الله لا قوة الا بالله … لي طلب قد يكون غريبا .. بحثت طويلا عن موسوعة الباب المفتوح بلا امل اني اجدها .. ولاني اريدها بشدة لابنائي الصغار .. فهل متاح لديك نسخة صالحة لا تحتاجينها من مجلداتها .. لو نعم اخبريني فأود شراؤها منك .. ولعلها تكون صدقة جارية لك … وجزاك الله خيرا
للأسف لا أملك إلا نسختي الناقصة وأنا نفسي أبحث عن نسخة أخرى .. لعلك تجدينها في معارض الكتب المستعملة
هنيئا لك اوﻻدك بارك الله لك بهم
اود الاسفسار الباب المفتوح هى السلسه للتاريخ المصرى ام غيرها رجاء وضع اسم الكاتب حتى يتسنى لنا شراؤها
جزاك الله خيراً
الباب المفتوح موسوعة مترجمة ومعربة من موسوعة أمريكية وكانت موجودة قبل أكثر من 20 ولكنها اختففت الآن للاسف .
ممكن صورة لموسوعة الباب المفتوح الله يبارك فيك
هي نفسها موسوعة childcraft؟
أظنها . ما عندي حاليا صورة لها
اهنيك ماشاء الله اتمنا اكون زيك بالمستقبل
ممتاز
ما شاء الله تبارك الرحمن ….رائع
تدوينه رائعه ماشاء الله، الله يخلي لك خالد وإخوانه
بعد اذنك استاذه هناء .. لمن أراد تحميل موسوعة الباب المفتوح، أعتقد أني وجدتها هنا:
http://www.ibtesamah.com/showthread-t_520764.html
ولا أعلم إذا كانت هي فعلا الموسوعة المذكورة أم لا.
أنتِ أمٌّ رائعة! أتمنى أن أكونَ يومًا أمًّا عظيمةً مثلك.
Hi