هذه الأيام التي ستقدم علينا أيام كالذهب في نفاسته ، وفرص لا يكاد يفوتها أولو النهى .
بالمعيار الدنيوي هي أعظم من فرص التخفيضات للمحلات الراقية حين ينخفض ثمن الحقيبة التي تباع عادة بخمسة آلاف ليصل إلى الألف .
ولكن للأسف فإن الناس تتهافت على شراء هذه الحقيبة تهافت الفراش على النور ، في حين أن أيام الذهب تكاد تمر دون أن يحُفل بها ، إلا ما كان من أمر الصيام تأسياً واستئناساً ببقية الناس .
هذه الأيام تعيد شحذ الهمم والطاقات الروحانية و التي بدأت بالتخلخل بعد انتهاء رمضان ، وعلينا –كعقلاء- أن نستغلها فيما شرعها الله من أجله .
ومن المتقرر أن العبادات وإن تفاوتت في رتبها إلا أن أداء العبادة في وقتها يرفع من رتبتها لتفضُل على غيرها .
فإذا كانت قراءة القرآن من أعظم الذكر ، فإن ترديد الأذان والدعاء بعده يكون أعظم من قراءة القرآن في تلك الأثناء لأن وقت الترديد خلف المؤذن يفوت .
فكذلك العمل الصالح في هذه الأيام من أعظم ما يشغل المرء نفسه به لينال حب الله تعالى .
كنت أقرأ كلمة كتبتها في مذكرة جوالي سمعتها من أحد الدعاة تقول : إن من إجلال الله ألا تجعل له الفضلة : لا تقرأ القرآن فيما بقي لك من الوقت ، ولا تتصدق إن بقي مال من مصروف البيت ، ولا تصم لأن كل البيت صائم ..
لا تجعل لله الفضلة ، وإنما اجعله مقدماً ، وانتظر البركة ، وفي هذا إحسان ظن بالله .
فأنت حينما تقتطع من مصروف بيتك مبلغاً معيناً ولنقل مئتي ريال شهرياً ، تخرجه قبل أن تتجه إلى البقالة الكبرى لشراء المستلزمات الشهرية خالصاً لوجه الله تعالى تبتغي به أن تفك كرب مسلم ولو أفضى إلى التضييق عليك بعض الشيء ، فهل تتوقع بعد ذلك أن يخذلك الله بتقصير النفقة عليك وتركك للحاجة تنهشك ؟
حينما تقتطع من أول يومك مقدار ثلث ساعة فقط لتقرأ فيها جزءاً واحداً من القرآن ألا تنتظر من الله تعالى بعدها أن يبارك لك في باقي يومك ؟
اجعل الله تعالى ورضاه مقدماً على كل شيء .
صم في هذه الأيام لأنها أيام يحب الله تعالى فيها العمل الصالح .
تصدق لأنك تريد أن يكرمك الله كما أكرمت عباده ، ويفك كربك كما فككت عنهم كروبهم .
ضح بجزء من وقتك لأنك تريد أن يبارك الله فيما بقي .
نوّع في العبادات ، فمن رحمة الله أن شرع لنا كماً من العبادات لتناسب مختلف الشخصيات والاهتمامات والقدرات .
لا يقتصر العمل الصالح على العبادات المعهودة المعتادة ، جرب أموراً أخرى .
ما رأيك في إحياء بعض السنن التي اندثرت أو قاربت : كنفض الفراش عند النوم ، والدعاء بالمأثور عند السفر ، وكافة الأذكار غير أذكار الصباح والمساء ( عند الدخول و الخروج من المنزل ، عند لبس الجديد ، عند النظر في المرآة ، عند الجماع .. الخ ) ، وصلاة الضحى أو الوتر في السيارة أو الطيارة عند السفر .
ربما تفضل الدعوة إلى الله – وكلنا يستطيعها مع تفاوت الدرجات في ذلك – فالمدونات وتويتر والفيسبوك مجالات خصبة لذلك ، ولا يكن المسلمون الجدد بأفضل منك وأكثر حماساً لهذا الدين .
أكاد أسمع صوتاً في المؤخرة لا أتبين وجه متحدثه يقول : ما عندي علم يكفي .
فأقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سد هذا الطريق فقال : ” بلغوا عني ولو آية ” .
أفتعجز عن تبليغ آية أو معلومة صحيحة تعلمتها تحشرها في تدوينة أو تغريدة بين الفينة والأخرى ؟ أو لعلك لا تحب أن يخرب ( برستيج ) مدونتك أو تغريداتك ، وتصنَف من فئة الوعاظ ؟
ماذا عن القيام ببعض الأعمال التطوعية تبغي بها الأجر والمثوبة من الله ( لا الفلة مع الأصدقاء ) .
بإمكانك شراء كتيبات عن الإسلام بلغات الأوردو والتقالو واللغات الأفريقية وتوزيعها على العمال كلما وقفت عند إشارة مرور أو محطة بنزين ، كما يمكنك أن تدل على الخير فتبحث عن المحتاجين وتصلهم بالموسرين الراغبين في العطاء ، أو تشترك في أحد مكاتب توعية الجاليات لأداء أعمال إدارية أو ميدانية ، ولو كنت تتقن لغة أخرى فسيكون لك شأن عندهم .
وإذا عجزت عن كل ذلك ، فأجزم أن بإمكانك أن تبر والديك وتطيعي زوجك ، وتحسن أخلاقك ، وتلزم التكبير والاستغفار ، وتتصدق بعشرة ريالات ، فإن النية لو صاحبت أي عمل صحيح رفعته وجعلته عبادة.
فقط تحتاج إلى أن تستعين بالله و لاتعجز .
العجز سمة المسلمين مؤخراً .
علينا أن نقوم بثورة من تلكم الثورات ، فنتجه بقلوبنا أولا إلى الله بالدعاء ( مع تحريك الشفاه ورفع بعض الصوت ) أن يعيذنا من العجز والكسل ، ثم نستعين بالله لأداء ما يطلبه منا إما وجوباً أو استحباباً ، فإذا فعلت فانتظر بداية النصر .
اترك رد