فإن همو ذهبت أخلاقهمو … انبلشوا !
2 يناير 2013 بواسطة هناء
أقرأ في هذه الأيام كتاباً أمريكياً اسمه : We’re in This Toghther وهي قصة رجل أصيبت زوجته بالسرطان فيحكي لنا أيامهما معاً في مواجهة هذا المرض . كلما قرأت كتاباً لأحد الغربيين يلفت نظري وبشدة مستوى (المعاملات) عندهم.
ولأقطع الطريق على ” المدرعمين ” لابد من تحرير محل النزاع :
– أدرك جيداً أن الكثير من الغربيين ، الكثير جداً لا يتحلون بأية أخلاق على الإطلاق بل هم عنصريون ومن الدرجة الدنيا من البشر .
– وأدرك جيداً أن السبب الأعظم وراء تحلي الكثير بتلكم الأخلاق الفاضلة هو خشية القانون.
– وأدرك أن الكثير جداً من المسلمين يتحلون بأفضل الأخلاق .
– وكلامي هو عن أولئك المسلمين الذين يعانون بشدة من تدني مفهوم ( المعاملات) لديهم.
أعتقد أني وضعت يدي على شيء من الجروح .
أسمع دائماً الشكاوى المريرة من ضعف الأخلاق عندنا ، بل وأراها بعيني رأسي . لاحظها معي !
مذا يحدث لو أهمل موظفو أي دكان وضع الحواجز عند الكاشيير لتنظيم الطوابير ؟
ألا تدهشك القذارة والنفايات الملقاة على الأرض على الرغم من وجود صناديق القمامة في كل مكان ، ويزيد الأمر سوءاً لو كان المتواجدون ممن يدعي “الكوالة” و “الرهابة” ؟
أعر انتباهك للكثير من الأحاديث الجماعية ولاحظ كم من المقاطعات وسوء الإنصات والتجاوزات اللفظية تحدث ،(غيبة، سخرية ، نميمة ، كذب ، تفاخر كاذب … الخ )
العنف اللفظي والجسدي بين أفراد العائلة ؛ تطاول الإخوان على الأخوات ، والأزواج على الزوجات ، إهمال النظافة الشخصية ، سوء التعامل مع الخدم والسائقين ، إهمال ألفاظ المجاملة مثل لو سمحت وشكراً وتبدو جميلاً اليوم وأحبك ، ولو تخطينا ذلك إلى ما كان ضرره أكثر تعدياً لمثّلنا بفقدان الأمانة والفساد الإداري والاقتصادي والسياسي ، بل والديني.
باختصار ، نفعل عكس ما يأمرنا به الشرع تماماً ثم نعجب غاية الإعجاب بنظامهم وترتيبهم وذوقهم ، وإنما أتينا من قِبل أنفسنا..
حينما يتكلم أحد عن سوء أخلاق المتدينين يؤلمني ذلك بشدة . ربط سوء الأخلاق بالدين أمر يحز في النفس .. طبعاً هم يقولون : نحن نعرف أن الدين جيد ويأمر بالأخلاق الحسنة ولكن ما سر أن كل المتدينين الذين نراهم في الشوارع عابسين ؟ لماذا يفتقد المتدينون الأخلاق الحسنة ؟
فاتهم أن غير المتدينين يعبسون أيضاً وبكثرة ، وأن الأغلب من غير المتدينين أخلاقهم تحتضر أو ماتت .. المشكلة ليست في الدين ، المشكلة أن الشخصية الأصلية سيئة الأخلاق ثم لم يعتن صاحبها بتهذيبها بالدين، وأنه مقصر في ذلك ولا شك ، ولكنه بشر في نهاية المطاف . أستطيع أن أفهم ذلك جيداً لأني من معسكر المتدينين ..
في أول التزامنا بالدين اهتممنا جداً بجانب العبادات والمظهر الخارجي ، لعله لقصور شديد في بيان أهمية روح الأخلاق و المعاملات ، لعله كان كردة فعل قوية لإظهار روح الولاء للتدين والمتدينين والبراء مما سواه، لعله لأن تغير الأخلاق والطبائع من أصعب الأمور ، ونحن نريد التزاماً سريعاً . كان الاهتمام منصباً على تعلم أحكام الشريعة والعقيدة الصحيحة ( وهو أمر محمود في كل الأحوال ) ولكن لم يتم ربط ذلك بأهمية التعامل الحسن مع الغير بشكل كاف .. لاأقول كان معدوماً ، ولكنه لم يكن كافياً ألبتة .. فحين تكون فرداً في مجتمع صحراوي حار ، قليل الخضرة ، قليل الماء فلابد أن تكون الأعصاب مشدودة دوماً ، ثائرة ، فوضوية ، هادرة ، ظالمة !! و كان لابد من الإكثار من الحديث عن هذه الأخلاق ، من الدعاة ، من الوالدين ، من المعلمين ويصاحب ذلك الحديث التطبيق .
ركزنا كثيراً على الشكل الخارجي من لحية وثوب وحجاب وعلى النوافل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأهملنا شيئين مهمين : مراقبة الله الناتجة عن اجتماع المحبة والخوف في القلب ، والأخلاق ، والأخلاق نصف الشرع . ولأثبت صدق ذلك ، تكفي اللبيب نظرة واحدة شاملة لمجتمعنا ليرى ماذا فعل غياب مراقبة الله ، وماذا فعل غياب الأخلاق. النتيجة كانت باختصار : الفساد !
حين تتحدث الكتب الفقهية عن المعاملات تجدها تتناول أحكاماً في أبواب البيوع ونظام الأسرة ( نكاح ، طلاق ، نفقات ، حضانة ) والجنايات والحدود التي تضمن حقوق المعتدى عليه .. نقرأ أحاديث أمثال ” خيركم خيركم لأهله” و”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” و ” من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ” و” المسلم أخو المسلم” و” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” .. للأسف لم يلتزم الكثير ممن تدين حديثاً بأمثال هذه الأحاديث وإنما كان غاية همهم العبادات والمظهر الخارجي ..
أذكر بكثير من الخجل كيف كنت أغلق التلفاز وأخي الذي يكبرني بخمس عشرة سنة يتفرج – ودون استئذان- ثم أخرج من الحجرة بكل برود!
أذكر بكثير من الخجل كيف جفوت وعبست وأعرضت عن امرأة أخي الأوروبية التي كانت تعاملني كأختها الصغيرة ، وذلك بعد أن التزمت ، فلا أني شرحت لها الإسلام الحقيقي الكامل ( الذي لم أكن أعرفه في ذلك الوقت ) ، ولا أني حافظت على حبائل الود بيننا .
أذكر بكثير من الخجل إصدار أحكامي المسبقة على من تهاونت بالحجاب أو استمعت إلى الموسيقى وفاتني أن أمر إيمانها موكل إليها ولعل عندها من بر الوالدين أو الطاعات الخفية ما يجعلها تسبقني إلى الجنة .. ثم من قال أني سأدخل الجنة أصلا ؟ هل ضمنتها أم أنه مزيد من العجب بالعمل والكبر الذي لايدخل الله الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منه؟ نعم ، ذلك الذي هو : بطر الحق وغمط الناس .. مهلاً مهلاً .. رد الحق واحتقار الناس ؟ من منا لا يفعله ؟ المتدين وغيره ؟
أذكر بكثير من الخجل قيام بعض أفراد معسكرنا بعقوق والديهم لأنهم يقعون في بعض المعاصي جهلاً أو هوى – ومن منا لا يعصي الله – ويغيرون المنكرات بجفاء وغلظة من باب ( خذ الكتاب بقوة) ، فيقعون في أكبر الكبائر بعد الشرك بالله لأجل ما يظنونه نصرة لله .
أذكر بكثير من الخجل قيام بعض أفراد معسكرنا بتصنيف الناس ومن ثم الوقوع في معصية سوء الظن وما يلحق ذلك العمل من ضروريات كالغيبة و العُجب بالذات والكبر .. الكبر مرة أخرى ؟
ولكن هذه الطوام لا ينفرد بها المتدين ، وغاية ما هنالك أنه كان على المتدين أن يبذل جهداً أكبر في تحقيق شرع الله في أخلاقه ، خاصة وأن نظر الناس عليه كونه ( كما يزعمون ) يمثل الدين ، لكن الآخر غير الخلوق فإنه لم يحقق شرع الله لا في دينه ولا في خلقه ..
لا أود أن تتحول تدوينتي إلى كشف حساب لكل من المتدينين وغيرهم .
نريد أن نتقدم ، ونتطور وتكون بلادنا راقية ..
نريد أن يتولى أمورنا الأخيار ..
لذا كان لابد أن يبدأ كل منا بنفسه ، فكما نكون يولّ علينا ..
0.000000
0.000000
أرسلت فى من هنا وهناك | مصنف الأخلاق, الإسلام, خواطر | 5 تعليقات
مقاله جدا رائعه أتت في وقت بدا المجتمع يفقد الصبفه الاسلاميه … و أيضا حسن الخلق له صله وثيقة بالايمان و العقيده قال صلى الله عليه و سلم(أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا)
و أيضا هناك مقوله ﻷبن مبارك عن حسن الخلق تعجبني حينما قال حسن الخلق هو بسط الوجه و بذل المعروف و كف اﻷذى.
First of all ,I really do like the way that u wrote your words.. And I did the same of you , I mean I just finshed from reading this book ‘ My sister’s keeper. It has the same point of you that you already mention it.western people they do care about their children feelings even if they are too young. For me , I adore my father’s way in treating us . He is very religious person. I like him when he said ” Allah loves me so much cause he gave me lots of daughters so I can take care you , so you will be my way to paradise. In other hand I saw my aunts when they utter bad words to their children or even their babies and I used to think do they really love their children ? Do they think if they get old ,, that their children going to take care of them ? I have lots of questions on my mind , but enough for now. . I’m so proud of my parents cause they really respect us. My dad always said that western people are so fair although that they are not muslims .. Now a days I got the mening of his words and I found him right as you.
Thanks for your greatest words .. For the way you express every thing in an easy way.
Now I want to tell you that I saw you just once but I really adore you cause you are adorable and pretty cool .
Finally , Iam the person who was setting in Mrs. Nabilah’s office and copying my student’s exam ..at King Abdu Alaziz school. The little teacher .. Jehan
رحمتك يارب
ومن منّا لم يتهوّر ويسئ التصرف في بداية التزامه ..
عزائي أنه عفوّ غفور ..
قد لا تتصوري إلى أي حد أثرت في هذه المقالة
سلمتِ وشكرا لكِ ()
موضوع مهم أختي هناء..بارك الله فيك
فالكثير يجهل أن كمال الإيمان يكون “”بتعظيم الخالق عز وجل والإحسان إلى المخلوق”” .
ويظهر ذلك للمتدبر في آيات القرآن الكريم كيف يجمع الله بين
حقه عز وجل وحق المخلوقين (واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)
(وأن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لن يكتمل شكره لله ، بل سؤال المجرمين في سورة المدثر ما سلكم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين) .
وفي قوله عليه السلام (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا)صحيح.
مقال رائع، يصف حالنا بعمق