بعض من الفضول لا يضر
26 يونيو 2013 بواسطة هناء
الحياةُ لوحاتٌ زيتية رُسمت على قماش فاخر ، أم أن اللوحات هي التي تحكي الحياة ؟ من هواياتي الأثيرة أن أفتح عينيّ جيداً ، وأتجول في معرض لوحات الحياة مع جزءٍ فضوليٍ من نفسي ، وأستمتع بشيء من التطفل و التخيل لأسبر أغوار النفوس البشرية . كم نرى من مشاهد ظاهرها يخفي كثيراً من حقيقتها .. بعض المظاهر خداعة ، وتحتاج منا لكثير من البصيرة لنقرأ ما بين ضربات الفرش ، فإذا فعلنا انقشعت عنا حُجبٌ ، وتكشفت لنا حقائق بإمكانها -إذا تدبرناها- أن تجعل حياتنا أكثر جمالاً .. يكفي بذلك أننا ننسى كثيراً من واقعنا المؤلم ، يكفي أننا نغرق في دقائق ممتعة من خيال لذيذ ، يكفي أننا قد نفلح في تلمّس بعض النعم التي غفلنا عنها .
بعد فضولي الذي طال النوافذ والستور المرخاة في تدوينتي الأولى ومن الفضول ما يُحمد والتي لاقت نجاحاً كبيراً بفضل الله ، فسيسعدني أن أطرح عليكم المزيد بطريقة مختلفة قليلاً ، فهلا مشيتم معي في هذا الممر من معرض لوحات “الحياة”، لأريكم بعض النماذج؟ ستحتاجون أولاً لإعمال شيء من فضولكم ، ولا تخافوا ، فإن بعضاً من الفضول لن يضر !
هذه لوحة تصور لي رجلاً ، يقود سيارة مهترئة وسط شارع مليء بالسيارات الفاخرة . ينظر إليها جزئي الفضولي فيقول : انظري إلى هذه السيارة “المقربعة” ، والمشكلة أن صاحبها يضحك .. كيف يمكن له أن يضحك وهو يقود شيئاً كهذا؟ لو كنت مكانه لأرخيت رأسي خجلاً وأنا أمر إلى جانب كل هذه المراكب النظيفة .. أتطلع إليه متفحصة. بالفعل ، باب سيارته ساقط ، فهو يمسكه بيد ويقود سيارته باليد الأخرى، باب الراكب المجاور منبعج انبعاجاً قوياً ، وفي الخلف تراصّ خمسة أولاد بطريقة فنية ما ، ومع ذلك فصوت المذياع يصدح ، وضحكات الأطفال تغطي صوت المذياع ، وأكاد أسمع صوته يرد ساخراً : “لو رأيتِ الحادث الشنيع الذي بسببه اهترأت هذه السيارة وخرجتُ منه وأولادي سالمين بلا خدش واحد لعلمتِ أنه يحق لي أن أضحك وألا أتحسر بعد ذلك اليوم على ضياع أي شيء دنيوي. لقد عاينت الموت لثوانٍ ونجاني الله ، فعلى أي شيء آسف ، ومن أي شيء أخجل ؟ ولكن البشر غالباً ما يصابون بضعف شديد في البصيرة”!
وهنا لوحة تحكي طالباً في كلية الطب الخاصة ، يلبس ثياباً جيدة ويضع عطراً فاخراً ، يحضر محاضراته بكل جدية واجتهاد ، ويتكلم برقي وأدب .. أنظر إليه فيتساءل جزئي الفضولي: محترم جداً! وددت لو رأيت بيته! فأتخيل داراً فارهة ، كثيرة الحجرات ، عالية الأسقف ، تحيط بأسوارها أشجار جوز الهند، وتصطف في مرآبها بضع سيارات ثمينة ، وإلى جوار مسبحها الكبير يتمشى الجنائني وهو يرمق المياه الزرقاء ويتلمظ محدّثاً نفسه أن يرمي بنفسه في المياه الباردة لتنقذه من لهيب الصيف الرهيب ، وليطردوه بعد ذلك . يلتفت إليّ الفتى في الصورة فيبتسم ويقول : أخطأتِ في خيالك .. وأراني في مخيلتي بيته ؛ الحي بائس, شوارعه مليئة بالحفر الرطبة .. الجرذان تمشي إلى جانبك لتدلك إلى أي دار تريدها، وصناديق القمامة الكبيرة تؤوي عشرات القطط الضالة ذات الأعين العوراء أو الذيول المقطوعة . وقبل أن يعترض جزئي الفضولي، يرفع الفتى أصبعه ويقول : “لحظة ! أنا في هذه الكلية في منحة لتفوقي ، فلم أدفع ريالًا واحداً، أما هذه الثياب فقطع نظيفة تبرع لنا بها بعض المحسنين ، ومالي في كل هذا البذخ الذي تراه إلا العطر الذي وضعته .. وللمعلومية ، فإنه مقلد! هل تستكثر عليّ عطراً مقلداً لا أعرف متى سيصيبني بالأكزيما ؟ أما عن الأدب ، فمن قال أن الأدب ملازم للغنى ؟ ظننت الأمر واضحاً ، ولكن يبدو أن البشر غالباً ما يصابون بضعف شديد في البصيرة”!
انظروا إلى هذه اللوحة ، تصور مهرجان الزهور الذي يقام في مدينتي كل سنة . تدغدغ الألوان الجياشة مشاعري ، وأشعر بها تكسر برفق أشعة الشمس الصارمة المسلطة على رؤوسنا كالحراب. ألمح زوجين مسنين بعض الشيء من دولة آسيوية يتمشيان معاً. يقفان أمام كل مجموعة ليتحدثا برهة قبل أن يخرج الزوج آلة التصوير ليصور امرأته ؛ ارفعي يدك إلى خصرك ، أميلي برأسك ، تلثمي بالطرحة في غنج ، وهي تمتثل وتضحك في دلال ، ثم يمشيان معاً ليتوقفا ثانية فيصورها بكاميرا الآيباد هذه المرة متبعاً نفس الخطوات السابقة ، افعلي كذا وكذا .. وتساءل جزئي الفضولي : انظري إليه ، يصورها بكل آلة تصوير متاحة ، ولو أتيح له أن يحضر مثّالاً لأحضره وصنع لها تمثالاً .. هل يحبها بالفعل ، أم أنه يفعل ذلك لأنه لا خيار له غير ذلك ؟ التفت إليّ الزوج على وجهه مسحة غضب وخوف معاً ، وقبل أن يتكلم بكلمة لذت بالفرار ، وأنا أعنّف فضولي وأطالبه بالتفرج في صمت .
توقفت طويلاً أمام لوحة جُدل إطارها بألياف الصبر والحب. هاهو رجل في الخمسينيات ، يرتدي ثوبه الرمادي الرث، يمشي مثقلاً بأكياس متخمة بأطايب اشتراها للتو من البقالة ، وعائدٌ إلى داره القريبة . أتفرس في الأكياس بفضول فأرى عصائر وحلويات ، وفواكه الموسم وحليبَ الصغير . يدخل على أسرته مستجيراً بالله من حرارة الجو وينادي في تعب على أطفاله الذين يهرعون ليتلقفوا ما أتاهم به والفرحة تشع من وجوههم الصغيرة التي لم تتغضن بعد، تستنشق ابنته أحد الأكياس بنهم لتملأ رئتيها من رائحة الفاكهة الطازجة ويرتفع صوت أحدهم بلثغته المحببة : بابا ، زا اللاتِب ؟ فيومئ إليه بحب ويحضنه ويلثم فاه ثم يدس في فمه قطعة شوكولاتة صغيرة . أمشي في سعادة وأمان الدنيا يغمرني ، وحنان الأب يفيض عليّ من تلكم اللوحة ، وطعم الشوكولاتة لا يزال في فمي .
ماذا عن اللوحة المشرقة في الركن؟ اقترب لتراها! هاهي امرأة في أواسط الستينيات ، مات عنها زوجها منذ أمد ، وتزوج آخر أولادها قبل خمس سنوات وعاشت في وحدة مع خادمتها تنتظر إطلالة أولادها عليها يومياً حسب جدول مرتب. منذ أن غادر آخر أولادها المنزل كان أمامها أحد اختيارين : أن تؤمن بانتهاء مهمتها في الحياة وتستسلم لفكرة الموت والتلاشي ، أو أن تبدأ حياة جديدة . لحسن الحظ أنها اختارت الثاني . بدأت في ممارسة الرياضة ، إذ الرياضة من أفضل الوسائل التي ترفع هرمون السعادة (دون أن ترفع الوزن كالشوكولاتة) وتحافظ -في الوقت ذاته- على قوة البدن ، وبالتالي على صفاء الذهن ، فكانت تمشي مع خادمتها يومياً في الشارع العام حيث تشعر بأمان أكثر من الأحياء المجاورة الممتلئة حُفراً وسوائل لا تعرف مصدرها ثم تعود إلى بيتها وتفتح النافذة وتمد ساقيها في أشعة الشمس التي تنتشر سريعاً على أرض الحجرة . تسلي نفسها بقراءة كتاب ، أو تفتح المذياع على برنامج الأسرة الصباحي وتقوم بتمارين التمدد التي رأتها في يوتيوب، وبعد أن تنهي وردها اليومي من القرآن تشرع في “ساعة التعلم” كما تحب أن تسميها حيث حمّلت لها ابنتها عدة تطبيقات تعليمية تحرك بها ذهنها وتقوي ذاكرتها ، وكان آخرها تعلم اللغة الإسبانية . تذكر عندما هتفت بها ابنتها : لماذا الإسبانية ؟ فقالت ضاحكة : لأن اليابانية صعبة . والحقيقة أنها تتقن الكلمات الأساسية من الانجليزية والتي لن تحتاج إلى غيرها ، ولكنها أرادت أن تثبت لنفسها بتعلمها الإسبانية أنها لا تزال تتمتع بذهن قوي متفتح .. المسألة كلها تدور حول إثبات النفس ، حول الشعور بالقوة والقدرة على البذل ، حول عدم اليأس والإحساس بالوهن الذي يميت قبل الموت ، لهذا قبلت التحدي غير المنطوق من قِبل أولادها وطالبت بالآيفون والآيباد وشاركت في تويتر وفيس بوك وانستغرام وهي تقول : من قال أن مثل هذه الأمور حكر على الشباب ؟ أعطونا فرصة أو اثنتين لنثبت لكم أننا نستطيع .. وفازت بالتحدي .. انصرفتُ عن هذه اللوحة وقد خُيل إليّ أن المرأة تبتسم لي وترفع إبهامها مشجعة وهي ترتدي حذاء الرياضة .
طيب ، هذه اللوحة .. هذان زوجان يستعدان للسفر إلى البعثة ويودعان أهليهما .. الزوج يسمع للمرة الثامنة عشر بعد المئة والألف التوصيات على زوجته ، من أمها وجدتها ، وخالتها وعمتها وامرأة أبيها وخالة عم جارتها ، فيبتسم بتصنع ويقول للمرة الثامنة عشر بعد المئة والألف : أكيد ، “سما” في عيوني ، لا توصي حريص الخ الخ الخ . ترفع “سما” بصرها إليه فتكاد تتلقف الضجر والملل بيدها وهما يتقافزان في عينيه، وتتعجب ، ما كانت تعهد في نفسها القدرة على قراءة لغة الأعين ، أم أن لغة الأعين سهلة وواضحة لكل ذي لب . وفي ذهنه يتعالى السخط .. كلهم يوصيني على “سما” ، حتى أمي وأخواتي ، لكن من يوصي “سما” عليّ ؟ أم أن الرجال لا بواكي لهم؟
ما رأيكم بهذه اللوحة الملونة بألوان الباستيل الجميلة ؟ هذا خالٌ شاب ، أو ربما يكون كبيراً بعض الشيء. تأتي أخته من بلد زوجها بأبنائها لتقضي مع أهلها شهراً من عطلة الصيف . لم يسمح زوجها لها بالذهاب إلا شريطة أن تصطحب أبناءها معها ، حيث لا شيء إلا الملل .. ينبري هذا الخال فيحمل على عاتقه إسعاد أبناء أخته ، يلعب معهم ألعاب الكمبيوتر ، ويصيح معهم في حماس كلما أحرز أحدهم هدفاً ، يمشّيهم، يشتري لهم الحلوى ، يأخذهم معه إلى المسجد، يصطحبهم إلى محل الألعاب ليشتري لهم هدايا النجاح، أو إلى المكتبة ليبتاع لهم قصصاً جديدة ، حتى صار هذا الخال من أحب ما يكون في حياتهم . وتمر الأيام ويكبر الأطفال ليصيروا شباباً أو مراهقين ويكبر الخال، فلا تعود ألعاب الكمبيوتر تسليهم، ولا يعودون يهتمون بالمكتبات ولا دكاكين الألعاب، يقدمون مع والدتهم إلى بلدها وقد لا يقدمون ، يسلمون على الخال تسليم الغريب ويمضون ، قد يتذكرونه باتصال بين الحين والآخر وغالباً ما ينسون. فجأة صار هذا الخال مملاً، و”قديماً”. ما هذه المرارة في فم الخال ؟ ماهذه الصور الباهتة التي يراها في خياله لأطفال صغار نسوه وما نسيهم؟ ولا زال في العيد بالهدايا يذكرهم ؟ قد يكون خالاً أو عماً ، قد يكون جداً أو مثل ذلك من الإناث.. أغادر ، ويهتف فضولي رغماً عني وعنه: “ما يستحوا”!
هذه اللوحة الأخيرة، تبدو وكأنها لوحة إعلانية لقرطاسية .. الله .. أحب القرطاسيات .. أتمشى فيها بشغف كما تتمشى إحداكن في محلات العطور والمكياج . رائحة الأوراق تسحرني كما تفعل بكم رائحة القهوة الغنية ، أحب الأقلام الخشبية الملونة ، أحب أشكال الصلصال والأعمال الفنية المزركشة ، أحب الدفاتر السلكية الكبيرة ذات الأغلفة الكرتونية المبهجة ، أحب هذا العالم باختصار . ومن منا لا يحبه ؟ أقصد ، هناك البعض ممن لا يحبه . أقف عند المحاسب ويقف أمامي رجلٌ في الخمسينيات يرتدي ثوباً رمادياً رثاً، وثلاث بنات في الابتدائية يقفن إلى جواره في صمت ويتطلعن إليه في رجاء ، وتمسك إحداهن صغيراً فضولياً يمد يده القصيرة للأرفف العالية محاولاً اصطياد أي شيء .. يخيل إليّ أني رأيت هذا الرجل من قبل، ولكن أين؟ اصطفت أمامه كومة من طلبات المدارس : أستطيع أن أميّز الصلصال ، ومسدس الغراء ، وألواح الخشب الخفيفة ، ومريلة المطبخ ، ونوعين من الألوان ، وأشياء أخرى خفيت عليّ . رأيته يخرج محفظته ويعدّ “أمواله” ثم ينقد المحاسب الثمن : فكة رهيبة من عشرات وريالات ، ليس فيها ورقة واحدة لمئة كاملة .. أكاد أسمع تأوه قلبه المنفطر من هذا الغلاء وكثرة الطلبات . ويعلو صوت الصغير : بابا ، خلّث اللاتِب ؟ فيبتسم الأب في وهن ويحمله بيده ، ويناول بيده الأخرى الأكياس لبناته فيتلقفنها في سرور وحماس.. لعل هذا السرور هو ما يطفئ لهيب قلبه .. أخرج جوالي في عجلة وأنظر إلى التاريخ الهجري وأنا أبتعد عن اللوحة فأجده الخامس من الشهر!
والآن ، ماذا عنك ؟ هلا أخبرتني عن لوحات أعجبتك ؟
سأقوم بإهداء ثلاث نسخ موقعة من كتابي ” الحياة الجديدة ، أيامي مع سرطان الثدي ” لأفضل ثلاث تعليقات عشوائية تردني هنا في المدونة ، أو تويتر @hannooti خلال الأسبوع الأول من إطلاق هذه التدوينة .. تابع التعليقات بين الحين والآخر ، قد يحالفك الحظ .
0.000000
0.000000
أرسلت فى نظرات ثاقبة | مصنف هراءات, الفرح, الأبناء, الأسرة, الحب, الحزن | 12 تعليق
وسط مشاغل الدنيا وهمومها المتعاونة على قصم ظهورنا، نجد في تأملنا لهموم آخرين ما يخفف مصائبنا وينسينا قِطعًا من مشاكلنا
بعض فضول.. لا أكثر.. يُجسّد بابًا صغيرًا، مهربًا مما قد نعاني
هذا الباب، يختارنا بين ملايين الأناس المتراكمين على سطح الكرة الأرضية، لنلج في غيباته، ونعيش حياة غير حياتنا
ينبش في قصص المساكين ويقرأها لنا بتؤدة، يتوقف على حروف ويشدّد على أخرى
لنتأمل حالنا التي لن تكون -وبأسوأ الأحوال- أسوأ من أحوال هؤلاء
ننظر.. نتأمل.. نجمع.. وقد نعتبر
نخرج من هذا العالم الذي أقحمنا إياه باب من فضول
نردد في سرائرنا، أو علانيتنا: «ومن الفضول ما يُحمد»
شهْد..
أنتي تعجبيني . وترى ماقلت كذا عشان أفوز من زمان فزت وقرأت كتابك 🙂
شكرا إسراء .. أسعدتيني الله يسعدك
الحياة معرض ، وقوفنا عند لوحاتها يعلمنا أكثر، يمدنا بالحكمة يلهمنا دروس، هو باختصار منحة حياة أخرى.
أبدااااااااااع ، لوحاتك كلها جميله لكن استوقفتني لوحه الأم اللي ماأتوقفت عندها الحياه ، ولوحه الخال اللي نسوه أبناء أخته ، يمكن لأني حست بهالأشخاص ع أرض الواقع ’… وبعض اللوحات بكيتني فيها
جميل هذا المقال ذكرني بمواقف كثيرة
دائما نحتاج لأن نرتدي نظارات البصيرة لنرى الأشياء على وجهها الحقيقي…….
مقال أكثر من رائع بارك الله فيكِ
أحببت جداً كل لوحة من تلك اللوحات !
و إن كان لكل منا وجهة نظر عن معنى ما رسم بها الا اننا نتشارك جميعنا في الاستمتاع بتفاصيل اللوحة !
ابتسامة أب ! كلمة إبنة ! أم ذات طموح ! طالب مجتهد ! زوجان سعيدان ! خال معطاء !
بقلمك رأينا لوحات من حياتهم ! و عشنا لحظات معهم !
ان كنت سأرسم لوحة ستكون غالباً عن ذلك الغربب الذي ترك بلاده ! أهله ! أحبابه ! و أصدقائه ! و أتى هنا ليكسب بعض الريالات ! ذلك المبلغ الذي يحصل عليه في شهر ننفقه نحن في ليلة !
في نهاية الشهر نجد الابتسامة على وجهه و نحن رغم كل شيء نملكه لا نبتسم !
أحسنت قولاً .. سيدخل اسمك في السحب في نهاية الأسبوع إن شاء الله .. أرجو تزويدي بعنوان بريدي كامل واسم صاحب صندوق البريد ..
أحياناً ما تخفيه اللوحات في الخلفية يكون أجمل مما تركز عليه العين
أتراه عمى مؤقت يصيبنا عند النظرة الأولى ؟
أتمنى أن يكون الأمر كذلك في هذه اللوحة بالذات :
” حديثة عهد هي بمرض السرطان – أو بمعنى أصح باكتشاف حقيقة وجوده داخلها
حقيقة لم يعد البكاء يجدي نفعاً في دفعها ولا حتى التخفيف من آثارها
ولم يبق إلا التسليم بها والسير في طريق العلاج الذي يتفوق الخوف منه على الخوف من المرض نفسه ”
هكذا تبدو اللوحة لأغلب الناظرين
أما ما تخفيه في خلفيتها فلا يدركه ناظر مهما بلغت فراسته حتى يعاينه حقيقة ويعيشه واقعاً
لكن طالما اتفقنا أن بعض الفضول لا يضر ، فسأستعير بعضاً منه وأضيف إليه كثير من الأمل والثقة في رحمة اللطيف ، ثم أنظر بها إلى ذلك الصبي في إحدى زوايا اللوحة :
” صبي ما عاد يسأل (أين أمي؟) كلما فتح عينيه ولم يجدها بجانبه
لماذا؟
ببساطة لأنه أصبح يحفظ الإجابة عن ظهر قلب ، بل صار هو من يجيب السائلين عن أمه فيقول ( ماما عند الدكتور )
صغير هو جداً على التمييز بين مرض وآخر ، فكلها عنده أمراض والسلام
لكن الصغير سيكبر يوماً – إن شاء الله
وسيحكي لأبنائه عن جدتهم وما وهبها الله من صلابة في مواجهة المرض ومشاكل علاجه حتى شفيت منه تماماً
وعن وفاء جدهم ومساندته لها في كل خطوة ومعه فريق الدعم من إخوة وأخوات وآباء وأمهات العائلة
وعن حياتهم ما بعد الشفاء وكيف أصبحت أكثر استقراراً وقرباً من الخالق الكريم ”
*****
شكراً أستاذة هناء على إتاحة الفرصة لنا وفتح آفاق في عقولنا لإعادة النظر في بعض لوحات حياتنا
جميلة .. جميلة .. جميلة
تدوينة ممتعة جعلتني أفكر فيما حولي
شكرا أستاذة هناء .. هنا قرأت شيئًا حرك قلبي !
استاذتي الغالية
حقا حقا ابدعتي
حين كتابتي لهذا الرد احببت ان اضيف له اضافاتي المعتادة لكن حين علمت بأنه يتوجب علي الرد في المدونة احجمت عن ذلك
بسم الله نبدا
في لوحاتك الثمانية ( ان لم اخطئ العد )
كنت انتقل بين مشاعر كثيرة فلكل لوحة مشاعرها الخاصة
كنت استبق السطور محاولة اكتشاف ما تحويه اللوحة قبل قرأت باقي السطور
في لوحتك الاولى اكتشفت انه بالفعل لدينا ضعف شديد في البصيرة فلم يخطر ببالي تلك الفكرة
استوقفتني كثيرا اللوحة الرابعة والسابعة والثامنة .. هي اكثر اللوحات تاثيرا في
بدءا بالاب الذي يحاول ان يسعد ابنائه بكل ما يملك رغم ضيق ذات اليد ( هذا ما تراءى لي )
مرورا بالخال الذي جحده ابناء اخته بالفعل رددت نفس الكلمة التي قلتها ( ما يستحوا )
انتهاءً باللوحة التي ادمت قلبي .. مهما حاولت ان اسطر عبارات تصف ما في نفسي من مشاعر تجاه هذه اللوحة اجد نفسي عاجزة
استاذة هناء حقا انا ارفع قبعتي احتراما لك
استودعتك الله